وتذكر سيلا شبيها بهذا حفر ذكراه في رأسه منذ صباه، تذكر كيف انقطعت المواصلات، وسدت الحواري، وغرقت الحجرات تحت الأسقف المتهرئة. ورجع إلى مكانه فالتزمه حرصا على السجلات والخزانة، ولكنه أصدر أوامره بتشديد المراقبة في الحجرات وفوق السطح، واستدعى شيخ الفراشين وسأله: ما أخبار الحجرة 12؟
فلوى الرجل شفتيه وقال: تواصل الغناء والضحك، إنهم مجانين ...
ولمح على باب الاستراحة سيد الأعمى فصاح به بأعلى صوته: ارجع إلى مكانك.
استأذنه الرجل بإشارة من يده فصاح به مرة أخرى: ولا كلمة.
وجعجع الرعد كانفجار القنابل، وانهل المطر في سرعة وغزارة جنونيتين، فقال لنفسه بقلق: إن الفندق قديم لم يشيد بالخراسانة المسلحة، وإن الليل ينذر بالمتاعب.
وجاءه فراش فقال: تصاعدت الشكوى من الحجرة 12 من رشح السقف والبلل!
فقال بحنق: سكت الغناء والضحك؟ فليغادروا الحجرة! - ولكنهم لا يستطيعون!
فصرفه واستدعى رئيس الفراشين وسأله فيما قال الرجل فقال: الحجرات كلها ترشح، سأجند الفراشين لسد الثغرات فوق السطح بالرمال. - والحجرة 12؟ - لقد انحشروا، انزنقوا، امتلأت بطونهم فانتفخت، تعذر فتح الباب، تعذرت الحركة.
اجتاح الهياج الكوني الفضاء في الخارج، أما في الداخل؛ فقد دبت حركة نشاط شاملة، وانطلق الفراشون بأكياس الرمال، وحدثت مفاجأة غير متوقعة، إذ هب المنتظرون في الاستراحة، متطوعين للاشتراك في العمل، راقب المدير ذلك بارتياح، وارتاح بصفة خاصة لتخلف سيد الأعمى.
وبعد نصف ساعة رجع شيخ الفراشين ليطلعه على سير العمل، قال: إنهم يعملون بهمة عالية.
Halaman tidak diketahui