Aspek Emosi Islam
الجانب العاطفي من الإسلام
Genre-genre
الواقع أنك لن تجد أعبد ولا أخنع من رجل يدعى أنه حر، فإذا فتشت فى نفسه وجدته ذليلا لشهواته كلها، ربما كان عبد بطنه أو فرجه، وربما كان عبدا لمظاهر يرائى بها الناس، أو لمراسم يظنها مناط وجاهة، فإذا فقد بعض هذه الرغائب رأيته أتفه شىء ولو كان يلى أكبر المناصب، بل لو كان ملكا تدين له الرقاب. الحرية المطلقة لا تنبع إلا من العبودية الصحيحة لله وحده. فإن القلب المرتبط بالله يعلو بصاحبه على كل شىء فما تذله رهبة ولا تدنيه رغبة. وهو بمعالم الشريعة التى يلتزمها مصون من الدنايا، محصون من المزالق... ولذلك فنحن نكذب كل دعوة للحرية تزين للناس اعتداء حدود الله أو تعطيل أحكامه أو تهوين فرائضه، أو الهبوط بالإنسان عن المكانة السماوية التى رشح لها بأصل الخلقة. كم يكون الإنسان نازل المرتبة تافه القيمة إذا كانت وظيفته فى الحياة لا تتجاوز بضع عشرات من السنين يقضيها على ظهر الأرض ثم... ثم يقضى دون عودة، وينتهى بذلك أمره كما تنتهى آجال الذئاب فى الغاب أو الشياه فى الحقول أو الخيول فى " الاصطبل ". ألهذا خلق الإنسان؟ أو لهذا استخلفه الله فى العالم؟ قد رشحوك لأمر، لو فطنت له فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل إن الله الذى امتن علي الإنسان بهذه المرتبة الرفيعة لم يدعه فى هذه الحياة وشأنه (أيحسب الإنسان أن يترك سدى) . كلا إن الله كما شرفه بالكثير من النعم كلفه بالخطير من الحقوق. وهى حقوق تدور فى جملتها على رعاية مصالحه، وضمان الخير له فى عاجل أمره وآجله. والإسلام كلمة الله الأخيرة فى هذا المجال، وهو دين يحترم طبائع الأشياء لأنه دين الفطرة. ولذلك يستحيل أن يتضمن حكما علميا أو اجتماعيا يناقض الحقائق المقررة، (و بالحق أنزلناه وبالحق نزل وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا) . وكذلك يستحيل أن يلحقه تعديل أو تبديل فإن اجتياز دائرة الحق إلا الدخول لا معنى له فى دائرة الباطل، ولذلك يقول جل شأنه (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم) . 090
وخير للناس أن يستبينوا رشدهم فى صفحات الكتاب الذى استوعب أصول هذا الدين القيم، واستوعب إلى جانب ذلك كل ما يضمن للعالم الخير والازدهار. إنه الأثر السماوى الفذ، الذى بقى مستعليا على التحريف والتغيير، يصل الإنسان بنسبه السماوى العريق، ويرتفع به عن مستوى التراب، وآمال التراب! لقد تألقت مواهب الإنسان العقلية فى عصور مضت، وازداد وهجها ازديادا عظيما فى هذا العصر، وخيل للإنسان أن مكاسبه من وراء هذا الارتقاء الفكرى البحت لا تقدر، بل خيل إليه أنه أصبح بهذا الجانب العقلى المبتور سيد الوجود حقا.. ولو أننا تأملنا فى حصاد هذا الطور التقدمى من حياة الإنسان لراعنا منه أن كفة الخسائر طافحة، وأن الإنسان خسر نفسه وبذل أنفس ما فيه كى يحصل على الحطام الفانى، ولم يرجع من وراء هذا الكفاح الخسيس إلا بالتضحيات والبلايا: (ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم). إن الإنسان يكون وفيا لنسبه السماوى، يوم يكرس قلبه ولبه لله.
الإلحاد خيانة عظمى:
Halaman 78