Janaqu Paku Bumi
الجنقو مسامير الأرض
Genre-genre
قال ود أمونة متضايقا: كويس مع السلامة يلا فك يدي.
قال الطباخ محاولا أن يكون رقيقا ومهذبا: لا، ما كدا، مع السلامة دي عندها طريقة تانية، وفي حفلة صغيرة أنا عاملها ليك في مخزن المطبخ برانا «وحدنا»، أنا وإنت، جبت شمع وعندي ليك هدية؛ ملابس جديدة، وجزمة، وكرة، وحلاوة، وحاجات حتعجبك.
قال ود أمونة وهو يحاول نزع يده: إذا ما فكيت يدي حأصرخ وأمي تسمع، وحتجي تقتلك.
فأدخل الطباخ يده في جيبه، وأخرجها قابضة على نقود لها رنين.
قال له ود أمونة: أخير ليك تفكني «من الأحسن لك أن تتركني.»
بيد الطباخ الممسكة بالنقود، أعاد النقود إلى جيبه، وبسرعة ومهارة فتح زرار بنطاله وأخرجه ؛ شيء لم يستطع ود أمونة تمييز معالمه في الظلام، ولكن عندما دفع به الطباخ إلى بطن ود أمونة، أحس به ود أمونة قويا وطويلا، قال الطباخ: الموضوع بسيط، وما بياخد دقيقة واحدة، وأنا أديك أي حاجة عايزها.
وعندما مد فمه الذي تفوح منه رائحة الصعوط مختلطة بسجائر البرنجي، محمولة على عبق عرقي العيش، بحركة رشيقة خاطفة أمسك ود أمونة بشيء الطباخ، كان مظلما كبيرا وأملس، أدخل ما يكفي في فمه وبين أضراسه الحادة، نفذ وصية أمه بحذافيرها؛ الشيء الذي جعل كل من في السجن والذين يجاورونه والذين تصادف مرورهم في تلك الليلة بتلك الأنحاء، يقفزون رعبا في الهواء من جراء صرخة الطباخ العنيفة البائسة التي لم يسمع أحد في حياته مثلها، ولن تتكرر في مقبل الأيام، صرخة أطارت العصافير الصغيرة النائمة في أشجار النيم في وسط السجن، جعلت السمبريات العجوزات الساكنات بالسنطة عند بركة المياه جنوب السجن تضرب بأجنحتها في ذعر، كانت الصرخات التي ألحقها بالصرخة الأولى أقل أهمية؛ لأن أحدا لم يسمعها سوى ود أمونة، كانت أكثر بؤسا ورعبا، ثم سقط. - بصقت رأس الذكر من خشمي «فمي». كان شيئا مقرفا. قالت لي أمي بعدما صلينا صلاة الصبح في الساحة: إنت حتمشي مع عازة إلى بيتهم، أنا تاني ما حأخاف عليك، إنت بس حافظ على أسنانك، حأديك قروش تشتري بيها مساويك.
رائحة قلي البن الحبشي تملأ رئتي عبقا لذيذا، وصوت بوشاي الحلو يغني فيأتي به الهواء الدافئ من حي العمدة إلى قطية أدي شهيا، قالت ألم قشي: بعد دا كله، الطباخ شغال لسع «ما زال» في السجن، سمين زي البغل.
كنت أعرف هذا السجان، وقد سمعت بقصته هذه من قبل، ولكني لم أعرف التفاصيل إلا الآن، ولم أحس ببشاعة الحدث وفداحته بهذا القدر، لقد كان هذا السجان يسكن في ذات القشلاق، الذي كانت أسرتي تسكنه، فأبي يعمل بذات السجن، ويعرف الناس عنه غرابة السلوك، ولو أنه لم يتحرش بأي من أطفال القشلاق، فلقد كان له رفقاء في عمره، لم أقل لهم إنني أعرفه ولم أقل لألم قشي أن ما قالته عن استمرار عمله بالسجن، وسمنته ليسا حقيقة، فلقد مات الطباخ بعد هذه الحادثة بسنة واحدة، لدغه ثعبان في مخزن البقوليات بالسجن، لم أقل لهم أن هنالك صلة قرابة تربطني به.
تحركت ألم قشي وهي تحمل المقلاة تطوف بالقطية مقربة إياها من أنوفنا، فنستنشق المزيد.
Halaman tidak diketahui