Janaqu Paku Bumi
الجنقو مسامير الأرض
Genre-genre
قال بسرعة: تماما، تماما، كلب عرمان.
في حوش طرفي من بيت الأم، حيث جلسنا أنا وود أمونة وألم قشي، وقد هيأ ود أمونة بخفة محترف كل شيء، وجلس قريبا من الباب، كنت أحس برغبته العارمة في التحدث معي، ورغبته أيضا في أن يتركني وألم قشي وحدنا، وتحسست بميتافيزيقية رعناء رغبة ألم قشي في أن تطارحني الفراش، ورغبتها في أن يبقى ود أمونة كما هو في موقعه، المهم حسمت الأمر بأن قلت لود أمونة جملة اعتراضية: قلت لي اتربيت في السجن مش كدا؟ أنا والدي يرحمه الله كان سجان بسجن القضارف.
أحسست حينها أن ألم قشي وود أمونة كادا أن يطيرا من الشعور بالراحة، قال وهو يأخذ نفسا عميقا من الشيشة: آه، السجن، صاح، اتربيت في السجن.
ود أمونة متبلا
عطر البخور الحبشي يملأ القطية، تأتي أصوات المكان مخترقة القش، والأقصاب، عبر الظلمة للداخل، واستطعنا أن نميز غناء جميلا رقيقا يتلمس سككه عبر الليل نحونا، قال ود أمونة: دي بوشاي.
ثم واصل في حكي تفاصيل السجن، تحدث بتلقائية وبساطة، بهدوء ورقة لا تتوفر في شخص غيره، ألم قشي تقاسمني الوسادة البيضاء المستطيلة على طول عرض السرير، تخلف ساقيها مع ساقي، وبين وقت وآخر تتعمد حك أخمص قدمي بأحد أظافر رجليها، مثيرة شبقا وحشيا تؤجله دائما حكايات ود أمونة المدهشة في السجن، الليل كعادته في هذه الشهور دافئ مرح، عنت فكرة لألم قشي عبرت عنها بنهوض مفاجئ من حضني قائلة: ح أعمل ليكم جبنة «قهوة».
هكذا يعبر الناس عن حبهم واهتمامهم بالآخر في هذه الأمكنة، بأن يعملوا لك جبنة.
قال ود أمونة مواصلا حكاية العازة، لم تستطع عازة أن تقنع أمه لكي تتركه معها عندما تخرج من السجن، وأرسلت لها الوسطاء من سجانين ومسجونين، وحتى مأمور السجن نفسه، ولم يقنعها سوى ما حدث لود أمونة في ذلك المساء: «كنت في طريقي إلى عنبر النسوان»، بعد أن عاد من مشوار كلفه به الشاويش خارج السجن، وعندما وصل ود أمونة الممر المؤدي إلى الزنازين، وهو الطريق الأقصر إلى الجزء الغربي من عنبر النسوان حيث مقام أمه، إذا بيد ناعمة قوية تمسك بذراعه، وأخرى توضع في فمه، كانت تفوح منها رائحة البصل، والثوم، والتوابل الأخرى، مما جعله يتعرف بسهولة على الطباخ، ثم همس في أذنه: ما تخاف، دا أنا.
ثم سحبت الكف عن فمه، قال له ود أمونة: عايز مني شنو؟
قال الطباخ: إنت بكره ماشي مع عازة، طبعا حيطلعوها من السجن، وإنت حتمشي معاها، وأنا جيت عشان أقول ليك مع السلامة، طالما إنت ما بادرت بالوداع، مش عيب عليك يا ود أمونة ما تقول لي مع السلامة؟
Halaman tidak diketahui