Janaqu Paku Bumi
الجنقو مسامير الأرض
Genre-genre
فشرحت له فكرة اللوتري، ثم سألني أكثر من عشرين سؤالا آخر، وعندما أحس بأنه قد أرهقني بالأسئلة قال لي معتذرا: أنا حشرتك في مشاكلي الخاصة، وجننتك بالأسئلة البايخة، وأنت براك عندك مشاكل قدر الجبال.
بالتأكيد كان يقصد مشكلة ألم قشي، فأكدت له سعادتي، التي لا توصف بقلبه الذي فتحه لي على مصراعيه، وطلبت منه أن يحكي لي المزيد، كنت أريد أن أعرف هل حدث له أن التقى رجلا لقاء حميميا، ولكنني لا أمتلك شجاعة صديقي في طرح الأسئلة، وتحمل نتائج الإجابات، ولم يحدثني بذلك من تلقاء نفسه، ولكنني كنت متأكدا من أنه فعل، وكأنما قد قرأ ما يدور بذهني، قام بتغيير مجرى الحديث، قال: أنت عارف إنه الأم أدي أكثر إنسانة سعيدة في الدنيا، بالرغم من أنه ما عندها عيال، ولا عندها أسرة، حياتها ما اتزوجت ولا ولدت.
قلت له: السعادة الحقيقة هي لمان يكون الزول عندو هدف في الحياة، في ناس هدفهم الأسرة والعيال، في ناس هدفهم المتعة اللي يلقوها من الناس من حولهم؛ من احترام، وحب، وصداقة، وفي ناس هدفهم البحث عن كل شيء، كل شخص يعرف كيف يكون سعيدا.
قال ود أمونة متحدثا عن نفسه: أنا بحس بالسعادة لمان أخدم الناس، وأخليهم مبسوطين.
تحدثنا كثيرا وجميلا، حدثته عن أسرتي، وأسرة صديقي، عن القضارف والسجن، بعين ابن سجان، حدثته عن تجاربي في الحياة القليلة الفقيرة، مقارنة بحياته العميقة الصاخبة، وأسر لي بنيته في السفر إلى الخرطوم والعمل هناك، وأن رجلا بالبنك وعده بأن يعرفه بشخصية مهمة جدا، كبيرة جدا، غنية جدا، واصلة جدا، وشبقة جدا، وأنه إذا توافق معها ستنفتح أمامه بوابات العالم كلها، وأكد لود أمونة قائلا: أنت تساوي وزنك دهب، لكن في البلد دي لا تسوى بعرة.
لم أعلق تعليقا مفيدا على ذلك، ولكن كنت أحس بأن هنالك شيئا من المبالغة، ولو أنني لم أستبعد ذلك تماما، وبعد أعوام كثيرة عندما أرسل لي صديقي رسالة إلكترونية ملحقا بها كتابه الوثائقي، الموسوم بثورة الجنقوجورايات، لم أستغرب أن يصل ود أمونة إلى ما وصل إليه من معرفة، ودرجة وظيفية رفيعة، ومنصب سياسي لا يحلم به ود أمونة، ولو أنه أعطي طاقة خيال العالم كله. عندما أراد ود أمونة أن يغادرني إلى بعض مشغولياته، قال لي جملة لم أفهمها جيدا إلى الآن: صديقك مدهش!
قلت له بسرعة: تقصد شنو؟
قال وهو يقف عند الباب، وينظر إلي في وجهي مباشرة، وعلى فمه ابتسامة غنجة: أقصد مدهش وبس.
قلت له: أنت في الباص يوم ماشيين همدائييت، تذكر يوم أخدوا قروشنا ناس الشايقي، قلت لي حاجة عنه، ولكن ما تميتها.
قال ضاحكا: وأنت ما سألتني تاني، ما فيش بببح !
Halaman tidak diketahui