(الباب الأول في حد الحديث المرسل والفصل بينه وبين غيره)
ههنا ثلاثة ألفاظ في اصطلاحهم وهي المرسل والمنقطع والمعضل فلنذكر أولا تحقيقها لغة وبيان استعارتها لما نحن بصدده ثم بعد ذلك الكلام في دلالتها اصطلاحا
أمل المرسل فأصله من قولهم أرسلت كذا إذا أطلقته ولم تمنعه كما في قوله تعالى ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين فكأن المرسل أطلق الإسناد ولم يقيده برا ومعروف وقد أشار الإمام المزري إلى هذا ويحتمل أن يكون من قوله جاء القوم أرسالا أي قطعا متفرقين قال ابن سيدة الرسل بفتح الراء والسين القطيع من كل شيء والجمع إرسال وجاؤوا رسلة رسلة أي جماعة جماعة
قلت ومنه الحديث إن الناس دخلوا على النبي ﷺ بعد موته فصلوا عليه أرسالا أي فرقا متقطعة يتبع بعضهم بعضا فكأنه تصور من هذا اللفظ الاقتطاع فقيل للحديث الذي قطع إسناده وبقي غير متصل مرسل أي كل طائفة منهم لم تلق الأخرى ولا لحقتها ويحتمل أن يكون أصله من الإسترسال وهو الطمأنينة إلى الإنسان والثقة به فيما يحدثه فكان المرسل للحديث اطمأن إلى من أرسل عنه ووثق به لمن يوصله إليه وهذا اللائق بقول
1 / 23