مراسيلهم وبين غيرهم فلم يقبلها منهم وهم فريقان أحدهما من قبل المراسيل من أئمة النقل مطلقا كابن الحاجب ومن تبعه وفي كلام ابن الحاجب آخرا ما يقتضي عدم اختصاص ذلك بالأعصار الأول بل يقبل في زماننا إذا كان المرسل من أئمة النقل المرجوع إلى قولهم ولا يظهر تعصبه لمذهب معين بحيث يستراب بمرسله واحتج على ذلك بأن إرسال أئمة التابعين كان مشهورا بين أهل ذلك العصر مقبولا منهم من غير نكير من أحد كابن المسيب والشعبي وإبراهيم النخعي وغيرهم فكان ذلك إجماعا منهم على قبول مراسيل أمثالهم وأورد عليه أنه يلزم منه أن يكون المخالف خارقا للإجماع في ذلك ثم أجاب بما تقدم أن خرق الإجماع الاستدلالي والظني لا يقدح في خارقه بخلاف الإجماع القطعي
وجواب هذا ما تقدم من منع الاتفاق وبيان الخلاف فيه وعدم الإنكار على ابن المسيب وأمثاله في إرساله وقبول ذلك منهم ليس لكونهم من ائمة النقل بل الظاهر أنه لأنهم لا يرسلون إلا عن عدل ويبين ذلك أيضا ما تقدم من إرسال جماعة من أئمة التابعين عن قوم ضعفاء كعطاء بن أبي رباح والحسن والزهري وغيرهم والمقتضي لقبوله من أئمة النقل إنما هو معرفتهم بالثقات والضعفاء فلا يرسلون عن ضعيف وقد بينا فيما تقدم أن الواقع خلاف ذلك واستدل ابن الحاجب أيضا بأنه لو لم يقبل المرسل لكان لكونه غير عدل عند المرسل ولو كان كذلك لكان المرسل مدلسا على الناس بإرساله عن غير عدل فيكون مجروحا والأصل السلامة من ذلك
وجواب هذا بمنع أنه لا يرسل الراوي إلا عن عدل عند ولا يلزم من ذلك القدح فيه كما تقدم وإن سلم ذلك فيجوز أن يكون عدلا وعند غيره مجروح بما لم يطلع عليه من أرسل عنه فلا يكون مدلسا على الناس
ثم إن هذا أيضا يقتضي قبول المرسل من كل عدل وإن لم يكن من أئمة النقل وليس اختيار ابن الحاجب وقد تقدم من الجواب عنه ما فيه كفاية
الفريق الثاني كإمام الحرمين ومن تبعه قال الإمام إذا قال أحد الأئمة المرجوع إليهم في الجرح والتعديل حدثني رجل فإنه يكون ذلك مرسلا مردودا
1 / 84