Jamic Kabir
الجامع الكبير في صناعة المنظوم من الكلام والمنثور
Penyiasat
مصطفى جواد
Penerbit
مطبعة المجمع العلمي
وأعلم أن حال المفعول فيما ذكرناه حال الفعال في أن تقديم اسم المفعول يقتضي أن يكون الإنكار في طريق الإحالة والمنع من أن يكون بمثابة من يوقع به ذلك الفعل، فإذا قلت (أزيدًا تضرب) أنكرت أن يكون بمنزلة من يجترأ عليه، ولذلك قدمت (غير) في قوله تعالى (أغير الله أتخذ وليًا) وقوله تعالى (قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون).
وكان لذلك من المزية والحسن والفخامة ما يعلم إنه لو أخرت (غير) فقيل (أأتخذ غير الله وليًا، أو تدعون غير الله) لما كان مؤديًا من المعنى ما كان يؤديه مع تقدمها، وذلك إنه حصل بالتقدير معنى قولك (أيكون غير الله بمنزلة من يتخذ وليًا أو يرضى عاقل لنفسه أن يفعل ذلك) و(أيكون جهل أجهل وعمى أعمى من
ذلك) ولا يكون شيء من هذا الذي ذكرناه إذا قيل (أأتخذ غير الله وليا) وذلك لأنه يتناول الفعل أن يكون فقط، ولا يزيد على ذلك شيئًا، فهذا هو القول في الضرب الأول.
وأما الضرب الثاني:
وهو أن يكون يفعل لفعل موجود، فإن تقديم الاسم يقتضي تشبيهًا بما اقتضاه في الفعل الماضي، من الإقرار بأنه الفاعل، أو الإنكار أن يكون هو الفاعل. فمثال الأول قوله تعالى (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين) وقوله تعالى (أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله) فحكم المضارع في الآية الأولى حكم الماضي في الآية الثانية، ومثال الثاني قوله تعالى (أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم) فافهم ذلك. وأعلم أني قد أطلقت عنان الكلام في مسائل الاستفهام ليتبين أن للعربية أسرارًا لا يطلع على خباياها، ولا
1 / 117