الطاء، أو الراء، أو الباء، هذه الحروف المذكورة غير الألف ليست من حروف الزيادة، فلا تحذف، بل الأولى أن يحذف الحرف الزائد، ويترك الحرف الذي ليس بزائد، فلا جل ذلك قلنا: إن النحوي يصغر لفظة (اضطراب) على (ضطيريب) فيحذف
الألف، التي هي حرف زائد دون غيرها، مما ليس من حرف الزيادة. وأما أن يعلم النحوي أن الطاء في (اضطراب) مبدلة من تاء، وأنه إذا أريد تصغيرها يعاد إلى الأصل الذي كانت عليه، وهو التاء، فيقول (ضتيريب) فإن هذا لا يعلمه إلا التصريفي. وتكليف النحوي الجاهل بعلم التصريف معرفة ذلك كتكليفه معرفة علم الغيب، فثبت بهذا الدليل، الذي ذكرناه، أن مؤلف الكلام يحتاج إلى علم التصريف، لئلا يغلط في مثل هذه الأماكن، فيستوجب عند ذلك المذمة والعيب.
ومن العجب أن يقال إن مؤلف الكلام لا يحتاج إلى التصريف. ألم تعلم أن نافع بن أبي نعيم، وهو أكبر القراء السبعة قدرًا، وأفخمهم شأنًا، قال في (معايش) (معائش) بالهمز، ولم يعلم بالأصل في ذلك، فأخذ عليه وعيب من أجله. ومن جملة من عابه على ذلك أبو عثمان المازني، فقال في كتابه في التصريف (أن نافعًا لم يدر ما العربية). وكثيرًا ما يقع أولو العلم في مثل هذه المواضع، فكيف الجهال الأغمار، الذين لا خبرة لهم بها، ولا اطلاع لهم عليها؟
وإذا كان المؤلف عارفًا بحقيقة الأمر في ذلك لا يقع في ورطة تؤخذ عليه، وهذه لفظة معايش لا يجوز همزها البتة بإجماع من علماء العربية، لأن الياء فيها ليست مبدلة من
1 / 10