Jami' al-Bayan 'an Ta'wil Ayi al-Qur'an
جامع البيان في تفسير القرآن
..
ما هاج أحزانا وشجوا قد شجا
و«بل » ليست من البيت ولا داخلة في وزنه، ولكن ليدل به على قطع كلام وابتداء آخر. وأما الذين قالوا: ذلك حروف مقطعة بعضها من أسماء الله عز وجل، وبعضها من صفاته، ولكل حرف من ذلك معنى غير معنى الحرف الآخر. فإنهم نحوا بتأويلهم ذلك نحو قول الشاعر:
قلنا لها قفي لنا قالت قاف
لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف
يعني بقوله: قالت قاف: قالت قد وقفت. فدلت بإظهار القاف من «وقفت» على مرادها من تمام الكلمة التي هي «وقفت»، فصرفوا قوله: { الم } وما أشبه ذلك إلى نحو هذا المعنى، فقال بعضهم: الألف ألف «أنا»، واللام لام «الله»، والميم ميم «أعلم»، وكل حرف منها دال على كلمة تامة. قالوا: فجملة هذه الحروف المقطعة إذا ظهر مع كل حرف منهن تمام حروف الكلمة «أنا الله أعلم». قالوا: وكذلك سائر جميع ما في أوائل سور القرآن من ذلك، فعلى هذا المعنى وبهذا التأويل. قالوا: ومستفيض ظاهر في كلام العرب أن ينقص المتكلم منهم من الكلمة الأحرف إذا كان فيما بقي دلالة على ما حذف منها، ويزيد فيها ما ليس منها إذا لم تكن الزيادة ملبسة معناها على سامعها كحذفهم في النقص في الترخيم من «حارث» «الثاء» فيقولون: يا حار، ومن «مالك» «الكاف» فيقولون: يا مال، وأما أشبه ذلك. وكقول راجزهم:
ما للظليم عال كيف لا يا
ينقد عنه جلده إذا يا
كأنه أراد أن يقول: إذا يفعل كذا وكذا، فاكتفى بالياء من «يفعل». وكما قال آخر منهم:
بالخير خيرات وإن شرا فا
Halaman tidak diketahui