313

Jami' al-Bayan 'an Ta'wil Ayi al-Qur'an

جامع البيان في تفسير القرآن

بقاتل عمه الرؤف الرحيم

[2.144]

يعني بذلك جل ثناؤه: قد نرى يا محمد نحن تقلب وجهك في السماء. ويعني بالتقلب: التحول والتصرف. ويعني بقوله: في السماء نحو السماء وقبلها. وإنما قيل له ذلك صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا، لأنه كان قبل تحويل قبلته من بيت المقدس إلى الكعبة يرفع بصره إلى السماء ينتظر من الله جل ثناؤه أمره بالتحويل نحو الكعبة. كما: حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { قد نرى تقلب وجهك في السماء } قال:

" كان صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في السماء يحب أن يصرفه الله عز وجل إلى الكعبة حتى صرفه الله إليها "

حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: { قد نرى تقلب وجهك في السماء } فكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي نحو بيت المقدس، يهوى ويشتهي القبلة نحو البيت الحرام، فوجهه الله جل ثناؤه لقبلة كان يهواها ويشتهيها. حدثنا المثنى، قال: حدثني إسحاق، قال: حدثني ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في قوله: { قد نرى تقلب وجهك في السماء } يقول: نظرك في السماء. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقلب وجهه في الصلاة وهو يصلي نحو بيت المقدس، وكان يهوى قبلة البيت الحرام، فولاه الله قبلة كان يهواها. حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي، قال: كان الناس يصلون قبل بيت المقدس، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره، كان إذا صلى رفع رأسه إلى السماء ينظر ما يؤمر، وكان يصلي قبل بيت المقدس. فنسختها الكعبة، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يصلي قبل الكعبة، فأنزل الله جل ثناؤه: { قد نرى تقلب وجهك في السماء } الآية. ثم اختلف في السبب الذي من أجله كان صلى الله عليه وسلم يهوى قبلة الكعبة. قال بعضهم: كره قبلة بيت المقدس، من أجل أن اليهود قالوا: يتبع قبلتنا ويخالفنا في ديننا. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: قالت اليهود: يخالفنا محمد، ويتبع قبلتنا فكان يدعو الله جل ثناؤه، ويستعرض للقبلة، فنزلت: { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام } وانقطع قول يهود: يخالفنا ويتبع قبلتنا في صلاة الظهر، فجعل الرجال مكان النساء، والنساء مكان الرجال. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: سمعته، يعني ابن زيد يقول: قال الله تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: { فأينما تولوا فثم وجه الله } قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

" هؤلاء قوم يهود يستقبلون بيتا من بيوت الله "

» لبيت المقدس «لو أنا استقبلناه»، فاستقبله النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا، فبلغه أن يهود تقول: والله ما درى محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه أين قبلتهم حتى هديناهم. فكره ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، ورفع وجهه إلى السماء، فقال الله جل ثناؤه: { قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام } الآية. وقال آخرون: بل كان يهوى ذلك من أجل أنه كان قبلة أبيه إبراهيم عليه السلام. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: ثنا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله عز وجل أن يستقبل بيت المقدس، ففرحت اليهود، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة عشر شهرا. فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب قبلة إبراهيم، فكان يدعو وينظر إلى السماء، فأنزل الله عز وجل: { قد نرى تقلب وجهك في السماء... } الآية. فأما قوله: { فلنولينك قبلة ترضاها } فإنه يعني: فلنصرفنك عن بيت المقدس إلى قبلة ترضاها، تهواها وتحبها. وأما قوله: { فول وجهك } يعني اصرف وجهك وحوله. وقوله: { شطر المسجد الحرام } يعني بالشطر: النحو والقصد والتلقاء، كما قال الهذلي:

إن العسير بها داء مخامرها

فشطرها نظر العينين محسور

يعني بقوله شطرها: نحوها. وكما قال ابن أحمر:

Halaman tidak diketahui