Jami' al-Bayan 'an Ta'wil Ayi al-Qur'an

al-Tabari d. 310 AH
245

Jami' al-Bayan 'an Ta'wil Ayi al-Qur'an

جامع البيان في تفسير القرآن

القول في تأويل قوله تعالى: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة }. هذا خبر من الله جل ثناؤه بقوله عن الذين أشركوا، الذين أخبر أن اليهود أحرص منهم على الحياة، يقول جل ثناؤه: يود أحد هؤلاء الذين أشركوا إلا بعد فناء دنياه وانقضاء أيام حياته أن يكون له بعد ذلك نشور أو محيا أو فرح أو سرور لو يعمر ألف سنة حتى جعل بعضهم تحية بعض عشرة آلاف عام حرصا منهم على الحياة. كما: حدثنا محمد بن علي بن الحسن بن شقيق، قال: سمعت أبي عليا، أخبرنا أبو حمزة، عن الأعمش، عن مجاهد، عن ابن عباس في قوله: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } قال: هو قول الأعاجم سأل زه نوروز مهرجان حر. وحدثت عن نعيم النحوي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير: يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } قال: هو قول أهل الشرك بعضهم لبعض إذا عطس: زه هزارسال. حدثنا إبراهيم بن سعيد ويعقوب بن إبراهيم، قالا: ثنا إسماعيل بن علية، عن ابن أبي نجيح عن قتادة في قوله: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } قال: حببت إليهم الخطيئة طول العمر. حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثني ابن معبد، عن ابن علية، عن ابن أبي نجيح في قوله: { يود أحدهم } فذكر مثله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد: { ولتجدنهم أحرص الناس على حياة } حتى بلغ: { لو يعمر ألف سنة } يهود أحرص من هؤلاء على الحياة، وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة. وحدثت عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن سعيد، عن ابن عباس في قوله: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة } قال: هو قول أحدهم إذا عطس زه هزار سال، يقول: عشرة آلاف سنة. القول في تأويل قوله تعالى : { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } يعني جل ثناؤه بقوله: { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } وما التعمير وهو طول البقاء بمزحزحه من عذاب الله. وقوله: هو عماد لطلب «ما» الاسم أكثر من طلبها الفعل، كما قال الشاعر:

فهل هو مرفوع بما ههنا رأس

و«أن» التي في: { أن يعمر } رفع بمزحزحه، أو هو الذي مع «ما» تكرير عماد للفعل لاستقباح العرب النكرة قبل المعرفة. وقد قال بعضهم إن «هو» الذي مع «ما» كناية ذكر العمر، كأنه قال: يود أحدهم لو يعمر ألف سنة، وما ذلك العمر بمزحزحه من العذاب.

وجعل «أن يعمر» مترجما عن «هو»، يريد: ما هو بمزحزحه التعمير. وقال بعضهم: قوله: { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } نظير قولك: ما زيد بمزحزحه أن يعمر. وأقرب هذه الأقوال عندنا إلى الصواب ما قلنا، وهو أن يكون هو عمادا نظير قولك: ما هو قائم عمرو. وقد قال قوم من أهل التأويل: إن «أن» التي في قوله: «أن يعمر» بمعنى: وإن عمر، وذلك قول لمعاني كلام العرب المعروف مخالف. ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع عن أبي العالية: { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } يقول: وإن عمر. حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع مثله. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: أن يعمر ولو عمر. وأما تأويل قوله: { بمزحزحه } فإنه بمبعده ومنحيه، كما قال الحطيئة:

وقالوا تزحزح ما بنا فضل حاجة

إليك وما منا لوهيك راقع

يعني بقوله تزحزح: تباعد، يقال منه: زحزحه يزحزحه زحزحة وزحزاحا، وهو عنك متزحزح: أي متباعد. فتأويل الآية: وما طول العمر بمبعده من عذاب الله ولا منحيه منه لأنه لا بد للعمر من الفناء ومصيره إلى الله. كما: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، قال: حدثني ابن إسحاق، قال: حدثني محمد بن أبي محمد فيما أري، عن سعيد بن جبير، أو عن عكرمة، عن ابن عباس: { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } أي ما هو بمنحيه من العذاب. حدثني المثنى، قال: ثنا آدم، قال: ثنا أبو جعفر، عن الربيع، عن أبي العالية: { وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } يقول: وإن عمر، فما ذاك بمغيثه من العذاب ولا منجيه. حدثني المثنى قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، مثله. حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب } فهم الذين عادوا جبريل عليه السلام. حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: { يود أحدهم لو يعمر ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر } ويهود أحرص على الحياة من هؤلاء، وقد ود هؤلاء لو يعمر أحدهم ألف سنة، وليس ذلك بمزحزحه من العذاب لو عمر كما عمر إبليس لم ينفعه ذلك، إذ كان كافرا ولم يزحزحه ذلك عن العذاب. القول في تأويل قوله تعالى: { والله بصير بما يعملون } يعني جل ثناؤه بقوله: { والله بصير بما يعملون } والله ذو إبصار بما يعملون، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، بل هو بجميعها محيط ولها حافظ ذاكر حتى يذيقهم بها العقاب جزاءها. وأصل بصير مبصر من قول القائل: أبصرت فأنا مبصر ولكن صرف إلى فعيل، كما صرف مسمع إلى سميع، وعذاب مؤلم إلى أليم، ومبدع السموات إلى بديع، وما أشبه ذلك.

[2.98]

وهذا خبر من الله جل ثناؤه: { من كان عدوا لله } من عاداه وعادى جميع ملائكته ورسله، وإعلام منه أن من عادى جبريل فقد عاداه وعادى ميكائيل وعادى جميع ملائكته ورسله لأن الذين سماهم الله في هذه الآية هم أولياء الله وأهل طاعته، ومن عادى لله وليا فقد عادى الله وبارزه بالمحاربة، ومن عادى الله فقد عادى جميع أهل طاعته وولايته لأن العدو لله عدو لأوليائه، والعدو لأولياء الله عدو له. فكذلك قال لليهود الذين قالوا: إن جبريل عدونا من الملائكة، وميكائيل ولينا منهم: { من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فان الله عدو للكافرين } من أجل أن عدو جبريل عدو كل ولي لله. فأخبرهم جل ثناؤه أن من كان عدوا لجبريل فهو لكل من ذكره من ملائكته ورسله وميكال عدو، وكذلك عدو بعض رسل الله عدو لله ولكل ولي. وقد: حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح، قال: ثنا عبيد الله يعني العتكي عن رجل من قريش، قال: سأل النبي صلى الله عليه وسلم اليهود فقال:

" أسألكم بكتابكم الذي تقرءون هل تجدون به قد بشر بي عيسى بن مريم أن يأتيكم رسول اسمه أحمد؟ "

Halaman tidak diketahui