Jami' al-Bayan 'an Ta'wil Ayi al-Qur'an

al-Tabari d. 310 AH
202

Jami' al-Bayan 'an Ta'wil Ayi al-Qur'an

جامع البيان في تفسير القرآن

فخطب إليه ابن أخيه ابنته فأبى أن يزوجه إياها، فغضب الفتى وقال: والله لأقتلن عمي ولآخذن ماله ولأنكحن ابنته ولآكلن ديته فأتاه الفتى وقد قدم تجار في بعض أسباط بني إسرائيل، فقال: يا عم انطلق معي فخذ لي من تجارة هؤلاء القوم لعلي أصيب منها، فإنهم إذا رأوك معي أعطوني. فخرج العم مع الفتى ليلا، فلما بلغ الشيخ ذلك السبط قتله الفتى ثم رجع إلى أهله. فلما أصبح جاء كأنه يطلب عمه، كأنه لا يدري أين هو فلم يجده، فانطلق نحوه فإذا هو بذلك السبط مجتمعين عليه، فأخذهم وقال: قتلتم عمي فأدوا إلي ديته. وجعل يبكي ويحثو التراب على رأسه وينادي واعماه. فرفعهم إلى موسى، فقضى عليهم بالدية، فقالوا له: يا رسول الله: ادع لنا حتى يتبين له من صاحبه فيؤخذ صاحب الجريمة، فوالله إن ديته علينا لهينة، ولكنا نستحي أن نعير به. فذلك حين يقول الله جل ثناؤه:

وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون

[البقرة: 72] فقال لهم موسى: { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } قالوا: نسألك عن القتيل وعمن قتله وتقول اذبحوا بقرة، أتهزأ بنا؟ قال موسى: { أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }. قال: قال ابن عباس: فلو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم، ولكنهم شددوا وتعنتوا موسى، فشدد الله عليهم فقالوا: { ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك } والفارض: الهرمة التي لا تلد، والبكر: التي لم تلد إلا ولدا واحدا، والعوان: النصف التي بين ذلك التي قد ولدت وولد ولدها فافعلوا ما تؤمرون.

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال إنه يقول إنها بقرة صفرآء فاقع لونها تسر الناظرين

[البقرة: 69] قال: تعجب الناظرين:

قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا وإنآ إن شآء الله لمهتدون

[البقرة: 70] قال إنه يقول إنها بقرة لا ذلول تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لا شية فيها من بياض ولا سواد ولا حمرة.

قالوا الآن جئت بالحق

[البقرة: 71] فطلبوها فلم يقدروا عليها. وكان رجل من بني إسرائيل من أبر الناس بأبيه. وأن رجلا مر به معه لؤلؤ يبيعه، فكان أبوه نائما تحت رأسه المفتاح، فقال له الرجل: تشتري مني هذا اللؤلؤ بسبعين ألفا؟ فقال له الفتى: كما أنت حتى يستيقظ أبي فآخذه بثمانين ألفا. فقال له الآخر: أيقظ أباك وهو لك بستين ألفا. فجعل التاجر يحط له حتى بلغ ثلاثين ألفا، وزاد الآخر على أن ينتظر حتى يستيقظ أبوه حتى بلغ مائة ألف. فلما أكثر عليه قال: لا والله لا أشتريه منك بشيء أبدا، وأبى أن يوقظ أباه.

فعوضه الله من ذلك اللؤلؤ أن جعل له تلك البقرة، فمرت به بنو إسرائيل يطلبون البقرة، فأبصروا البقرة عنده، فسألوه أن يبيعهم إياها بقرة ببقرة فأبى، فأعطوه ثنتين فأبى، فزادوه حتى بلغوا عشرا فأبى، فقالوا: والله لا نتركك حتى نأخذها منك. فانطلقوا به إلى موسى، فقالوا: يا نبي الله إنا وجدنا البقرة عند هذا فأبى أن يعطيناها، وقد أعطيناه ثمنا. فقال له موسى: أعطهم بقرتك فقال: يا رسول الله أنا أحق بمالي. فقال: صدقت، وقال للقوم: أرضوا صاحبكم فأعطوه وزنها ذهبا فأبى، فأضعفوا له مثل ما أعطوه وزنها حتى أعطوه وزنها عشر مرات، فباعهم إياها وأخذ ثمنها. فقال: اذبحوها فذبحوها، فقال: اضربوه ببعضها فضربوه بالبضعة التي بين الكتفين فعاش، فأسلوه: من قتلك؟ فقال لهم: ابن أخي قال: أقتله وآخذ ماله وأنكح ابنته. فأخذوا الغلام فقتلوه. حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة. وحدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، عن ابن زيد، عن مجاهد. وحدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، قال: حدثني خالد بن يزيد، عن مجاهد. وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: ثنا إسماعيل، عن عبد الكريم، قال: حدثني عبد الصمد بن معقل أنه سمع وهبا يذكر. وحدثني القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، وحجاج، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس. وحدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: أخبرني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس. فذكر جميعهم: أن السبب الذي من أجله قال لهم موسى: { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } نحو السبب الذي ذكره عبيدة وأبو العالية والسدي. غير أن بعضهم ذكر أن الذي قتل القتيل الذي اختصم في أمره إلى موسى كان أخا المقتول. وذكر بعضهم أنه كان ابن أخيه. وقال بعضهم: بل كانوا جماعة ورثة استبطئوا حياته. إلا أنهم جميعا مجمعون على أن موسى إنما أمرهم بذبح البقرة من أجل القتيل إذا احتكموا إليه عن أمر الله إياهم بذلك، فقالوا له: وما ذبح البقرة يبين لنا خصومتنا التي اختصمنا فيها إليك في قتل من قتل فادعى على بعضنا أنه القاتل أتهزأ بنا؟ كما: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: قتل قتيل من بني إسرائيل، فطرح في سبط من الأسباط. فأتى أهل ذلك القتيل إلى ذلك السبط، فقالوا: أنتم والله قتلتم صاحبنا قالوا: لا والله. فأتوا موسى، فقالوا: هذا قتيلنا بين أظهرهم وهم والله قتلوه. فقالوا: لا والله يا نبي الله طرح علينا. فقال لهم موسى: { إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة } فقالوا: أتستهزىء بنا؟ وقرأ قول الله جل ثناؤه: { أتتخذنا هزوا } قالوا: نأتيك فنذكر قتيلنا والذي نحن فيه فتستهزىء بنا؟ فقال موسى: { أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين }.

Halaman tidak diketahui