Jamic
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
Genre-genre
فإن قال: إن المريد غير العالم، أكذبه الإجماع؛ لأن الاتفاق أن الله هو المريد العالم القادر، وهذه الصفات له ثابتة في كتابه، ووصف بها نفسه، وأنه إذا أراد شيئا أن يقول له: كن فيكون. وأيضا فإنه قال: {فعال لما يريد}، وكان قوله: {إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون} وكان هو المريد لذاته كانت من صفة القدرة.
وكان قوله: {يفعل ما يشاء}، و{يخلق ما يشاء}، /70/ {وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}، وقوله: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} كان ذلك من صفته أنه القادر، وكان الله موصوفا بأنه لم يزل قادرا وصف بأنه لم يزل مريدا، كما لم يزل عالما.
فإن قال قائل: بل لم يكن مريدا ثم أراد.
قيل له: ما الفرق بينك وبين من قال: إنه لم يكن عالما ثم علم.
فإن قال: إن ذلك لا يجوز؛ لأنا قد اتفقنا أنه لم يزل عالما.
قيل له: وكذلك لم يزل مريدا؛ لأنا اتفقنا أنه هو المريد كما أنه هو العالم، والمختلف فيه يرد إلى حكم المتفق عليه، ولو كانت الإرادة فعلا من فعله كان هو غير مريد؛ لأنه قد كان وهو غير فاعل. ولو كان كذلك لم يكن مريدا ثم أراد، وقد كان غير مريد للشيء ثم بدا له لا يعدو منزلتين:
إما أن يكون مصيبا في ألا يريد ثم أراد، وقد رجع عن الصواب إلى الخطأ إذا كان في ألا يريد مصيبا فهو في أن يريد بعد ألا يريد مخطئا.
وإن كان مخطئا في ألا يريد ثم أصاب بأن أراد فقد انتقل عن الخطأ إلى الصواب، أو من الصواب إلى الخطإ؛ فقد دخله الخطأ في الوجهين جميعا.
فلما كان هكذا مخطئا فسد قول من يقول: إنه لم يرد ثم أراد؛ لأن هذا موضع البداء.
Halaman 99