131

Jamic

جامع أبي الحسن البسيوي جديد

Genre-genre

قيل له: هذا إنما فعله الله لهم، وآتاهم من ذلك ما شاء، وهذه الآية بالاتفاق مخصوصة لهما دون غيرهما، والعباد لم يعلموا كل شيء، ولم يؤتوا من السماء إلا ما يشاء الله. فأما الحكيم العليم الذي أحسن كل شيء خلقه، وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء وكيل، وعلى كل شيء قدير، لا يشبه بخلقه. ولا خلاف أن هذه الآيات عامة، والأخرى خاصة. وليس في: {وأوتيت من كل شيء} دليل على أن قوله: {وخلق كل شيء وهو بكل شيء عليم} مخصوص؛ لأن علمه محيط بأفعال خلقه، وهو قائم على كل نفس بما كسبت.

ومما يدل على أنه خالق كل شيء؛ قوله: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا}، وقوله: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}، {ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو فأنى تؤفكون}.

فإن قال: إن قوله: {صنع الله الذي أتقن كل شيء}، و{أحسن كل شيء خلقه}، قال: فلما لم يكن الكفر حسنا ولا متقنا لم يكن خلق الله؟

قيل له: إن الإتقان من الله هو خلقه للأشياء كلها حكمة متقنة غير متفاوتة، فذلك قوله: {أتقن كل شيء}، و{أحسن كل شيء خلقه}، وأنه أحسن صنعه وتدبيره، ومن إتقانه خلق كل شيء، إذ جعل الكفر قبيحا غير الإيمان، والظلم غير الإحسان، فلما فرق بين الكفر والإيمان كان ذلك منه إتقانا وحسنا من خلقه؛ إذ لم يساو بين ذلك، وجعل الكفر قبيحا والإيمان حسنا، والكفر فعل الكافر، واكتسابه المذموم عليه وتغطية الحق، والدليل على فعل الخلق قوله: /93/{قل أعوذ برب الفلق * من شر ما خلق}.

فإن قال: إنما خلق الحيات والعقارب وغيرها مما تعوذ من شر ما خلق من ذلك؟

قيل لهم: تعوذ من شر الجسم.

فإن قالوا: إنما يتعوذ من شر الحيات والعقارب.

Halaman 131