Jamic
جامع أبي الحسن البسيوي جديد
Genre-genre
فأما الأمر والنهي فهما غير الله؛ لأن الله هو الآمر والناهي، وقد قلنا: إن الأمر والنهي هو كلام الله، وقد قام الدليل أن الله هو المتكلم الآمر الناهي، وكلامه غير مخلوق؛ لأنه لا يخلو أن يكون أحدثه في نفسه ثم تكلم به، فليس هو محلا للحوادث أو أحدثه في غيره، وإن كان في غيره كان الغير هو المتكلم الآمر الناهي، وإذا كان الغير هو المتكلم الآمر الناهي لم يكن لله أمر ولا نهي، فلما فسد ذلك وكان الله هو الآمر الناهي، وكان كلامه من صفاته دل أن كلامه غير مخلوق؛ لأن المتكلم العالم القادر القاهر هذه صفة من لم يزل له أحسن الأسماء، وأشرف المدح، وأتقن التدبير.
ومما يدل على أن الله لم يرد الإيمان من العاصين له الذين ماتوا على معصيته قوله: {ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين}، فلم يشأ أن يؤتي كل نفس هداها.
وقوله: {ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون}، وإنما فعلوا ما شاء الله فعله مما افتروا.
وقوله: {ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم} يدل على أنه شاء أن يقتتلوا.
وقوله: {ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا}، فدل على أنه لم يشأ الإيمان من جميع أهل الأرض وإنما شاء الإيمان ممن أقر من المؤمنين المطيعين، فلا يكون إلا ما شاء وأراد وعلم -جل وعلا وعز-، له الملك والأمر والخلق يفعل ما يشاء.
Halaman 109