وأجمعوا أنه لو حلق رأسه كله وترك الشعر الذي على أذنيه لسمي حالقا رأسه، ولم يقل أحد فيما علمنا أنه ترك بعض شعر رأسه فإذا (¬1) كان هذا هكذا كان القول ما قلنا دون ما ذهب إليه مخالفونا. فإن قال قائل: ما ينكر باطنهما من الوجه؛ لأنهما مما يواجه به الإنسان فيحسب إذا كان الوجه مما يواجه به الإنسان إذا كان الوجه مأخوذ من المواجهة وباطنهما مما يواجه به الإنسان، فيجب أن يدخل في جملة الوجه، قيل له: هذا غلط من الاعتلال؛ وذلك أن الوجه ليس مأخوذا من المواجهة، إذ لو كان مأخوذا من المواجهة لسمي الصدر وجها لأنه مما يواجه به، وقد يواجه غير الوجه أيضا فلا يستحق اسم وجه، والله أعلم.
ولما رأيت الناس يتنازعون في وجوب مسح القدمين أو غسلهما وأحببت (¬2) غسلهما ومسحهما أن يؤتى بهما في مسح الصلاة والطهارة لها به يوجب (¬3) القراءتين، وإن أتى بغسل يشتمل على المسح أجزأه ذلك، وقد اتفقوا على صحة القراءتين، وأن الآية قرأها الصحابة بالنصب والخفض، فالخفض يوجب المسح، لأنه معطوف به على الرأس، والنصب يوجب الغسل، لأنه معطوف به على الوجه واليدين. وأجمع الكل على أن القراءتين صحيحتان فصارتا بمثابة (¬4) الآيتين، والآيتان إذا أوردتا ولم يكن في الأخذ بواحدة رفعا للأخرى وأمكن استعمالهما وجب إتيان ما تضمنتاه، فإذا كان هذا كذا فالواجب أن يأتي المتوضئ بغسل يشتمل على مسح ليكون في ذلك استعمال القراءتين.
¬__________
(¬1) في (ج) وإذا.
(¬2) في (ج) أحببت.
(¬3) في (ج) موجب.
(¬4) في (ج) بمثاله.
Halaman 187