بخصوم فيها وإن كانوا يستحقونها، فالله تعالى جعلها حقا لهم، فإذا كانوا شديدي الحاجة إليها وهو يعلم بذلك كان آثما إن حبسها عنهم، فإن قال: ولم جعلتم لمن عليه زكاة ولم يطالب بها أن يكون غير آثم بتأخيره إياها؟ قيل له : لا تمانع بين أهل العلم أن أهل القرى والمواضع في أيام النبي صلى الله عليه وسلم وفي عصور الأئمة كانت تجب عليهم الزكاة، وكانوا يحبسونها إلى أن يصل القابض لها، ولو مضى لذلك المدة الطويلة. فهذا يدل على أن تأخيرها غير مخرج صاحبها من (¬1) عدالته ومنزلته، فإن قال: فإذا لم يكن لهذا المغتصب والمتعدي والذي عليه الديون من المظالم أن يحبس عن أصحاب الحقوق حقوقهم، ويؤخر هذا المال في يده، فلم أجزتم له بيعه والتجارة فيه؟ قيل له: فإذا لم يكن المال الذي هو (¬2) في يده هو الذي اغتصبه بعينه، وأخذه بغير رأي صاحبه، وهو مالك له في الحقيقة، وليس لأصحاب المظالم عليه على ماله سبيل، وليس هو مال لهم بل هو ماله، وإنما قلنا إنه يأثم بتأخيره إياه عنهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (مطل الموسر ظلم). (¬3) فإن قال: فإذا قلتم إنه مالك لهذا المال في الحقيقة وإن ملك أصحاب المظالم زائل عنه، فقولوا: إن له أن يهبه أو يتجر بع ولا إثم عليه. قيل له: إنما قلنا إنه آثم لتأخيره عن قضائه في المظالم؛ لأن الله قد أمره بذلك وهو آثم بمخالفته أمر الله.
¬__________
(¬1) في (ج): نسخة عن.
(¬2) ساقطة من (ج).
(¬3) رواه ابن ماجه والدار قطني.
Halaman 138