وقال بعض فقهاء مخالفينا ولعل ذلك قول الجميع منهم ووافقهم على ذلك أبو معاوية عزازين الصقر (¬1) وغيره من الفقهاء من أهل عمان في قوم ركبوا سفينة (¬2) في البحر فخافوا الغرق والهلاك لشدة الحب (¬3) أن لهم أن يلقوا ما فيها من حمولة الناس وأموالهم ليخلصوا أنفسهم من الموت إذا رجوا ذلك بإلقاء أموال الناس في البحر ويضمنوا القيمة. ويوجد في الأثر عن أبي معاوية (أيضا) (¬4) وإن كان صاحب المتاع رمى بمتاعه من غير مواطأة (¬5) كانت بينه وبينهم فسلموا كان له عليهم ضمان المتاع على عدد رؤوسهم ، وأن الحاكم يحكم له عليهم بذلك، فإن قالوا فإن أمن القتل بالسيف أو خاف الضرب الشديد؟ قيل له: الضرب قد يأتي معه القتل (¬6) . فإن قال: فإن خاف الحبس وأمن القتل والضرب؟ قيل له: إذا كان الحبس فلا (¬7) يدفع من أموال الناس شيئا، ولا من وديعته إلا أن يخاف على نفسه من شدة البرد والحر ما يؤديه الحبس إلى تلف النفس والله أعلم.
باب (¬8) تأويل آية من القرآن
فإن قال قائل: ما معنى قول الله تعالى: { ?الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا } (¬9) ، أيقول (¬10) : إنه لم يكن له علم قبل ذلك عندما ألزمهم من الفرض الأول ؟ قيل له: هو عالم بما كان وما يكون ولا يخفى عليه شيء، ولكن خفف عليهم وألزمهم هذا الفرض الثاني والله أعلم وأحكم؛ ولما كان المسلمون أقلاء في صدر الإسلام وكانت نياتهم أقوى فرض الله عليهم الفرض الأول لقوة نياتهم، ولما كثر المسلمون وكان الحرص منهم على قتال العدو ضعيفا خفف المحنة عليهم وألزمهم هذا الفرض الثاني والله أعلم.
مسألة في الغصب
¬__________
(¬1) من (ج).
(¬2) (ج): السفينة.
(¬3) كذا في الأصل، ولعل صوابها: البحر.
(¬4) من (ج).ج
(¬5) في قاموس: المحيط: واطأه على الأمر: وافقه.
(¬6) في (ج) القيد.
(¬7) في (أ): قد.
(¬8) في (ج) مسألة.
(¬9) الأنفال: 66.
(¬10) في (أ): أيقول.
Halaman 131