القاضي عند تسميته لأهم موارده في كتابه هذا المشتملة على تواريخ المحدثين والفقهاء والقضاة، وتواريخ البلدان، وكتب الأنساب والضبط، وغيرها، فقال: «واستصفيناه من كبار تصانيف المحدثين، وأمهات تواليف المؤرخين» (١).
ونوّه العلامة عبد الله كنّون بهذه الطريقة القويمة فقال: «وبعدها شرع في ذكر تراجم علماء المذهب، مرتبا لهم على الطبقات، فأتى بالعجب العجاب في ذلك، ولا سيما في تراجم الكبار منهم والمشهورين، سالكا في ذلك المنهج العلمي النقدي، مطبقا قواعد النظر المتبعة عند أئمة الحديث في الرواية والرواة. . . توثيقا وتوهينا، وبيان وهم وتصحيح خطأ وما إلى ذلك» (٢). ثم ذكر نماذج يسيرة عليها وأردف بقوله: «هذه أمثلة قليلة من طريقة عياض في كتابة التراجم وتحريره لها ونقده لما تتضمنه من خطأ أو وهم بسبب تساهل الرواة أو غفلتهم أو غير ذلك من الأسباب، ومنها يعلم أن الكتاب عظيم القيمة والنفع، جليل الفائدة والقدر» (٣).
وعودا على بدء فإن القاضي عياضا لم يكن اهتمامه في هذا الكتاب بفقهاء المالكية أعظم من اهتمامه المباشر بإمام المذهب الذي على يديه شيّد هذا الصرح العظيم، فقد خصه بالربع الأول من الكتاب مستوفيا ترجمته، ومظهرا مكانته، ومرجحا مذهبه، وأشار إلى ذلك في المقدمة فقال: «واقتضى النظر
_________
(١) ترتيب المدارك: ١/ ٢٨.
(٢) القاضي عياض (من بحوث دورة القاضي عياض): ٢/ ١٧.
(٣) المصدر السابق: ٢/ ١٨.
1 / 39