الأثافي (١)؟، وعزا إليه - وحاشاه - كل عيب ضافي، ونسب إليه بعض العقائد المخالفة لأهل السنة، التي لم يكن البعض منها مسطورًا في كتبه، وليس له في البعض الآخر سوء المقاصد، مع أنه قد صرح في سائر تأليفاته بخلاف تلك المرويات وبضد هاتيك المعزوات (٢)، وكذا في وقت المحنة. فتبين عند النقاد أنه منا بريء، وعن ضرها عرى، وبعضها افتراء صرف في معاصريه الراوين، أو الحسدة والمخالفين، الذين لايذكرون موقفهم بين يدي رب العالمين.
ولما تعلقت في هذه الأذهان عبارة منها بسمع كثير من الطلاب، العارين عن الإطلاع على تفصيل الأدلة من الكتاب والسنة، ولم يميزوا القشر من اللباب - وقد قيل في المثل «من يسمع يخل» (٣) .
شوقتني كثرة السائلين وأجر فصل الخطاب بين المتجادلين، وحثني اتباع قول النبي الأمين عليه أفضل صلاة المصلين، وأزكى سلام المسلمين: «من أنعش حقًا جرى له أجره حتى يأتي الله تعالى يوم القيامة فيوفيه ثوابه»، وقوله ﵊: «من قال في مؤمن ماليس فيه حبسه الله تعالى في ردغة الخبال (٤) حتى يأتي بالمخرج» وقوله ﷾: ﴿وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا يكتمونه﴾ [آل عمران١٨٧] وغير ذلك من الآيات الكريمة والأحاديث العظيمة إلى بيان ما في هذه العبارات وأشباهها في بعض الكتب المتفرقات وتحرير أقوال العلماء في
_________
(١) الأثافي: جمع الأثفية - بضم الهمزة وكسرها - وهي الحجارة التي تنصب وتجعل القدر عليها. (م)
(٢) في (ص) المفريات والقعل (عزا) واوي.
(٣) يخل: أي يتخيل. ومعناه من يسمع أخبار الناس ومعابيهم يقع في نفسه المكروه. (م)
(٤) الردغة - بسكون الدال وفتحها -: الطين والوحل الكثير. وطبقة الخبال: ما سال من جلود أهل النار. (م)
1 / 14