(1) ما المقصود بإمكان التنبؤ؟ (2) مغالطة إمكان التنبؤ التراجعي. (3) مبدأ اللاحتمية في العلم. (4) أيا ما كان تفسير هذا المبدأ فهو يعارض الحتمية المطلقة. (5) لا نهدف إلى البرهنة على عدم إمكان التنبؤ بالسلوك البشري من عدم إمكان التنبؤ في العالم الطبيعي. لكنا نقدم هذا المبدأ ضد أولئك الذين يرغبون في البرهنة على التنبؤ بالسلوك البشري من التنبؤ في العالم الطبيعي. ••• (1) أما وقد ناقشنا المذهب الجبري في معنيين له هما (1) القول بأنه من المستحيل على الشيء أن يكون خلاف ما هو عليه. (2) القول بأن مبدأ السببية هو المبدأ السائد في الطبيعة، فإن علينا الآن أن نناقش المعنى الثالث لهذا المذهب، وهو الزعم القائل بأن كل شيء يمكن التنبؤ به لو توافرت لدينا معطيات معينة كافية:
يرى المذهب الجبري - فيما يتعلق بإمكان التنبؤ - بأن حالة الكون الحاضرة تعتمد تماما على ما حدث في لحظة ماضية، فكل شيء موجود، وكل حدث يحدث بالضرورة وليس ثمة بدائل ممكنة تتعلق بمستقبل سير الحوادث، بل هناك طريق واحد مفتوح: وهو التتابع الضروري لما قد كان موجودا بالفعل، وخطة الكون كله من أضأل التفصيلات موضوعة مقدما وضعا تاما، فلا شيء جديد، ولا يمكن أن تتوقع شيئا جديدا.
يوم بدء الخلق أنشا الصانع
آخر الناس، وألقى الزارع
بذرة يبدو جناها اليانع
آخر الدهر، وما قد رقما
مبدأ يتلى حسابا في الختام
1
والواقع أن المذهب الجبري كان يعني تماما إمكان التنبؤ عند عالم الطبيعة الذي عاش منذ نصف قرن. يقول بروفيسور «إدنجتون»: «إن المذهب الجبري الذي كان يأخذ به عالم الطبيعة في الماضي كان نوعا خاصا هو ما أسميه بإمكان التنبؤ، وهو يفترض أن هناك نسقا منظما من القوانين، بحيث لو أعطيت لنا وقائع كاملة عن حالة العالم خلال اللحظة الأولى من عام 1600 - مثلا - فإننا نستطيع أن نتنبأ بالمعطيات الكاملة عن حالة العالم لأي تاريخ لاحق «وكذلك طبعا لأي تاريخ ماض» ...»
2 (2) وسؤالنا الآن هو: هل يلاحظ المتنبئ بالفعل الخاصية «ص» في اللحظة «ل»، وبالتالي يخبرنا مقدما أن خاصية أخرى «س» سوف تظهر إلى الوجود في اللحظة «ل2»، أم أنه غالبا ما يلاحظ «س» في لحظة «ل2»، ثم يستدل منها تراجعيا أنه لا بد أن يكون قد كان هناك «ص» في لحظة «ل1»؟ إننا إذا ما وجدنا أن ما يحدث أحيانا هو الحالة الأخيرة، فإن رأي المتنبئ يمكن أن يكون له ما يبرره، إذا - وإذا فقط - كان من الممكن اكتشاف وجود «ص» في اللحظة «ل1» اكتشافا مستقلا، أعني من خلال وسائل أخرى غير «س». لكن إذا لم يكن هناك وسائل أخرى نعرف بها أن «ص» لا بد أن تكون قد وجدت في الماضي، اللهم إلا بواسطة الملاحظة الأخيرة «س»، فلا يمكن أن يكون هناك في هذه الحالة تنبؤ.
Halaman tidak diketahui