73

Jabir Ibn Hayyan

جابر بن حيان

Genre-genre

ودون هذه الدائرة دائرة أخرى لها الإدراك العقلي لكن ليس لها القدرة على الفعل، فهي تعلم ولا تعمل، هي تتصور الأمور كلها؛ باطنها وظاهرها، جليلها ودقيقها، عامها وخاصها، لكنها لا تخلق ولا تحرك.

وفي جوف هذه الدائرة الثانية دائرة ثالثة، وهي - على خلاف الثانية - تعمل ولا تعلم، فهي فاعلة قادرة، لكنها جاهلة؛ فالدائرة الثالثة تساوي الأولى في فعلها وفي قدرتها، لكنها تختلف عنها في أنها جاهلة والأولى عاقلة، وتختلف الثالثة عن الثانية في الوجهين معا: العلم والفعل؛ فالثانية ذات علم والثالثة جاهلة، والثانية عاطلة عن الفعل والثالثة فاعلة؛ وهذه الدائرة هي النفس.

وفي داخل دائرة النفس دائرة رابعة، لا تعلم ولا تجهل، ولا تفعل ولا تنفعل، وهي عالم الجوهر - عالم الهباء المنثور - الذي منه بنية هذا العالم، وهو الذي يسميه قوم بالهيولى (انظر شكل

2 ،

3 ).

وبعد تصورنا لهذه الدوائر التي يحتوي بعضها على بعض: الدائرة الأولى وفي جوفها دائرة العقل، وفي جوف هذه دائرة النفس، وفي جوف هذه دائرة الجوهر، لنتصور أيضا أن الزمان والمكان قائمان في جوانب هذه الدائرة الأخيرة، وفي جوفها - أعني في جوف دائرة الجوهر - فلنتصور دائرة أخرى، هي دائرة العناصر البسائط، وهي الحرارة والبرودة واليبوسة والرطوبة. أما كيف ترتب هذه العناصر داخل دائرة الجوهر فأمر مختلف عليه؛ فطائفة تقول إن دائرة الجوهر تنقسم بخطين متقاطعين إلى أربعة أرباع فيكون كل ربع منها مقاما لواحد من العناصر الأربعة، كما يتضح من الرسم الآتي:

شكل 4

وطائفة ثانية تذهب إلى أن دائرة الجوهر تضم في جوفها أربع دوائر منفصل بعضها عن بعض، وكل دائرة منها تمثل واحدا من العناصر الأربعة كما يتضح من الرسم الآتي:

شكل 5

وطائفة ثالثة تقول إن داخل دائرة الجوهر دوائر، الأوسع منها تضم في جوفها الأضيق، وهكذا، بحيث تكون أوسعها دائرة الحرارة - وهي أحد العنصرين الفاعلين: الحرارة والبرودة - وتليها دائرة العنصر الذي هو منفعل الحرارة، وأعني به اليبوسة، ثم تليها دائرة ثالثة هي دائرة العنصر الفاعل الثاني، وهو البرودة، وأخيرا تجيء دائرة رابعة للعنصر المنفعل للبرودة، وهو الرطوبة؛ وبهذا تكون الصورة على النحو الآتي:

Halaman tidak diketahui