143

Izhar Casr

Izhar al-ʿAsr li-Asrar Ahl al-ʿAsr

Genre-genre

وفي يوم الجمعة سادس عشري ذي القعدة هذا جمعت صلاة الجمعة الشيخ يحيى العجيسي البجائي المغربي، وشمس الدين محمد بن أحمد الديسطي المالكيان، وكانت عادة الديسطي الكلام وقت الخطبة، ووقت الذكر عقب الصلاة، ما رأيته يحترم شيئا من ذلك، وكان مع ذلك على غاية من الطيش، وسرعة البادرة، فنهاه الشيخ يحيى عن الكلام، فشتمه الديسطي شتما قبيحا، فحصل عند الشيخ يحيى من ذلك، المقيم المقعد؛ إذ كان من حين قدم إلى القاهرة، إلى وقته هذا في غاية العظمة عند الخاص والعام، ونفوذ الكلمة، وكانت صنعته الاستخفاف بالأكابر والأصاغر، والذي جرأ الديسطي عليه مع طيشه؛ موت القاضي كمال الدين البارزي، فإن الشيخ يحيى كان شيخه، فظن الديسطي أنه ذل، وعلم الشيخ يحيى أنه إن سكت له ظن كل أحد مثل ما ظن، وانفتح عليه باب واسع، فبادر إلى الاجتماع بالأكابر، من المباشرين، والقضاة، وغيرهم، فلبى الكل كلمته، وشق عليهم ما ذكر؛ لما يعلمون من تقدم تعظيمه وعزه، ولبغضهم في الديسطي؛ لما كانوا رأوا من تهوره حين قربه السلطان، ومحبته للأذى، ثم اجتمع الشيخ يحيى بالسلطان، فأمر بالدعوى على الديسطي، عند القاضي المالكي، وأنه لا يعزر بعد إقامة البينة عليه إلا بحضرة السلطان، وكان الديسطي قد أسدى إلى أهل جامع الأزهر معروفا أيام قربه من السلطان، فقاموا معه، وكذا من كان الشيخ يحيى يطلق لسانه فيه ويزدريه، من أوساط الناس فجمعوا بعض الألفاظ، التي كان الشيخ يحيى يذكرها في انتقاص أكابر العلماء، وذكروا أن عندهم بينة، بأن الشيخ يحيى ابتداء الديسطي بالسب، وأنه تناوله بكلمات يجب عليه فيها أشد التعزير، وسألوا أن تسمع الدعوى من الديسطي بذلك، فأوهم ناظر الخاص المالكي، بأن السلطان منع من سماع دعوى على الشيخ يحيى فامتنع المالكي من سماع كلام الديسطي، فلم يزالوا يقومون في ذلك، ويقعدون حتى انتدب معهم الأمير قراجا مملوك السلطان وخزنداره الثاني، فاجتمع بتمربغا مملوك السلطان ودويداره الثاني، وكان شديد البغض للديسطي، غير أنه قد صار من بغض ناظر الخاص إلى حالة لم يبق له فيها مذهب معين في جهة من الجهات، بل كان مذهبه، معاكس ناظر الخاص، فأجاب الخزندار، وأرسلا قاصدا إلى المالكي، وموقعين يضبطون عليه كلامه، يسألانه ما الذي أباح له أن لا يسمع دعوى الديسطي؟فأرسل المالكي نقيبه إلى ناظر الخاص، وحرر الأمر، فلم يجد أن السلطان منع من سماع دعوى الديسطي، فارسل إلى الشيخ يحيى يوم الاثنين، فامتنع من الحضور، فأرسل ثانيا رسولا، وموقعين؛ يشهدون عليه بالامتناع، فلقنه بعض جيرانه، من أهل المدرسة الناصرية، بأنه لم يمتنع، وإنما أراد أن تتم دعواه ثم يذهب ليسمع دعوى الديسطي، واختلفت رسل قراجا إلى المالكي، وشدد النكير، فلما كان يوم الثلاثاء، قال المالكي لابن الشيخ يحيى: ألزمتك بإحضار والدك، وإن لم يحضر شاورت عليه السلطان في هذا الوقت، فحضر، فادعى عليه الديسطي، بأنه شتمه وذكر ألفاظا قبيحة، فلما تمت دعواه، سئل في الصلح، وعدم إحضار البينة، ففعل، ولامه قراجا على الصلح.

شفاعة الأقصرائي في ابن عز الدين:

وفي يوم الأربعاء، مستهل ذي الحجة، من سنة ست وخمسين هذه شفع الشيخ أمين الدين بن الأقصرائي في ابن عز الدين، فلم يجبه السلطان، فألح عليه، وقال له: إنه كان يرجي منكم إعزاز طائفة الفقهاء، وستر خرقتهم ما أمكن، فقد دنست الآن خرقتهم ما لم تدنس في أيام أحد ممن سبق. فقال: هذا ثبت عندي نحسه، فإن أردت أخرجته في زنجير إلى دمشق تحرر عليه هناك الدعاوى، ويفعل فيه الحق. فقال: لا أريد هذا ومكثه في المقشرة أسهل من ذلك. ثم جهزه مع يشبك الصوفي، وكان قد غضب على الأمير الكبير بدمشق خيربك، فسجنه بقلعة الصبيبة وأحضر يشبك هذا، وكان بطالا بالقدس، فجعله مكانه، ودفع إليه ابن عز الدين، وكانت بينهما عداوة ، إذ كان بطرابلس نائبا، ليدعي عليه بدمشق من كان عنده حق، فخرج به في زنجير، قال من شاهده: إنه ما رأى أثقل منه.

قصة لناظر الخاص:

Halaman 257