قال الفارس: «بحق إيماني، لقد أثرت فضولي أكثر من ذي قبل! إنك أكثر النساك الذين قابلتهم غموضا، وسأعلم المزيد عنك قبل أن نفترق. أما عن تهديداتك، فلتعلم أيها الرجل المقدس أنك تتحدث مع رجل صنعته هي البحث عن الخطر أينما كان لمواجهته.»
قال الناسك: «سيدي الفارس الكسول، سأشرب نخبك لاحترامي الشديد لشجاعتك، ولكنني لا أقدر عقلك. وإذا أردت أن نتقاتل بأسلحة متكافئة فسأمنحك بكل صداقة وحب أخوي كفارة كافية ومغفرة تامة، حتى إنك لن تأثم إثم الإفراط في الفضول طوال الأشهر الاثني عشر المقبلة.»
شرب الفارس نخبه، وأراد منه أن يذكر ما يجيده من أسلحة.
أجاب الناسك: «لا يوجد سلاح، من مقص دليلة ومسمار يائل الذي يساوي عشرة بنسات إلى سيف جالوت المعقوف، لست ندا لك فيه، ولكن إن كنت سأختار، فما قولك يا صديقي العزيز في هذه القطع البسيطة؟»
وبعد أن قال هذا فتح كوة أخرى، وأخرج منها زوجين من السيوف العريضة والتروس مثل تلك التي كان يستخدمها رجال الملك في ذلك العصر. لاحظ الفارس، الذي كان يتابع حركاته، أن مكان الإخفاء الثاني هذا كان يحوي قوسين أو ثلاثا من الأقواس الطويلة الجيدة، ونشابا، وحزمة من الأسهم القصيرة للنشاب، ونصف دستة من حزم الأسهم للأقواس الطويلة. كما رأى كذلك قيثارة، وأشياء أخرى لا تمت إلى الكنيسة بصلة، عندما فتحت هذه الكوة المظلمة.
قال: «أعدك يا أخي الكاهن أنني لن أطرح عليك مزيدا من الأسئلة المزعجة؛ فمحتويات تلك الخزانة الصغيرة فيها الإجابة عن جميع أسئلتي، وأنا أرى سلاحا هناك.» (عندئذ انحنى وأخرج القيثارة.) «يسعدني أكثر أن أثبت لك مهارتي في استخدامه، أكثر من مهارتي في استخدام السيف والترس.»
قال الناسك: «آمل أيها السيد الفارس ألا يكون ثمة سبب وجيه يسوغ تسميتك بالكسول. أصارحك أن لدي شكوكا خطيرة تجاهك، ولكنك ضيفي، ولن أختبر بسالتك دون إدارتك الحرة. فلتجلس إذن ولتملأ كأسك، ولنشرب ونغني ونمرح. وإذا كنت تعرف أغنية جيدة فأنت مرحب بك لتناول وجبة من الفطير في كوبمانهورست ما دمت أخدم في كنيسة القديس دونستان؛ الأمر الذي أرجو من الرب أن يطول حتى أغير غطائي الرمادي إلى آخر من العشب الأخضر، ولكن تعال واملأ قدحا؛ لأن القيثارة ستستغرق وقتا في ضبط أوتارها، ولا شيء يضبط النغمات ويشحذ الأذن كقدح من النبيذ. ومن ناحيتي، يروق لي أن أتحسس العنب بين أناملي قبل أن أداعب بها أوتار القيثارة.»
الفصل الرابع عشر
ما من عنكبوت حاول جاهدا إصلاح خيوط شبكته المهلهلة أكثر مما فعل والديمار فيتزورس للم شمل أعضاء عصبة الأمير جون المتفرقين وتوحيدهم. كان من الضروري أن يفتح أمامهم آفاقا جديدة للمنفعة، وأن يذكرهم بتلك المنافع التي كانوا يستمتعون بها في ذلك الوقت. وقد وزع هذا العميل النشط الوعود بإفراط، ولم يترك شيئا يمكن أن يقوي عزم المترددين أو يشجع المحبطين إلا وفعله. تحدث عن رجوع الملك ريتشارد باعتباره حدثا غير محتمل على الإطلاق، ولكن عندما لاحظ أن هذا كان أكثر ما يخيف المتواطئين معه في الشر، وصف ذلك الحدث بجرأة بأنه، إن حدث بالفعل، حدث يجب ألا يغير شيئا من حساباتهم السياسية.
قال فيتزورس: «إن رجع ريتشارد فسيرجع لإثراء جنوده الصليبيين الفقراء والمعوزين على حساب أولئك الذين لم يتبعوه على الأراضي المقدسة. سيرجع ليدعو إلى محاسبة أولئك الذين فعلوا في غيابه ما يمكن تفسيره بأنه إهانة أو تعد على قوانين الأرض أو امتيازات التاج. وإجمالا سيرجع لمعاقبة كل من ناصر أخاه الأمير جون بصفته متمردا.» وأضاف: «من ناحية الصفات الشخصية قد يكون الأمير جون أقل شأنا من أخيه ريتشارد، ولكن عندما نأخذ في اعتبارنا رجوع الأخير شاهرا سيف الثأر في يده، بينما منح الأول العطايا والامتيازات والثروة والمجد، فلا مجال للشك بشأن من سيكون الملك الذي تقضي حكمة النبلاء أن يدعموه.»
Halaman tidak diketahui