147

قال إيفانهو: «ها! يا فارس الهيكل المتكبر، أنسيت أنك قد سقطت مرتين أمام هذا الرمح؟ تذكر ساحة النزال في عكا، وتذكر مهرجان السلاح في آشبي، وتذكر تبجحك المتعالي في ردهات روثيروود، ورهان سلسلتك الذهبية مقابل صندوق ذخائري، ولا تنس أنك ستقاتل ويلفريد أوف إيفانهو وتستعيد شرفك الضائع! بحق صندوق الذخائر هذا والأثر المقدس الذي يحتوي عليه، سأعلن يا فارس الهيكل في كل بلاط في أوروبا، وفي كل مقر من مقرات طائفتك، أنك جبان، إلا إذا قاتلتني دونما مزيد من إبطاء.»

أدار بوا جيلبرت وجهه في تردد نحو ريبيكا، ثم صاح ناظرا بغضب إلى إيفانهو: «أيها الكلب الساكسوني! خذ رمحك واستعد للموت الذي جلبته لنفسك!»

قال إيفانهو: «هل يسمح لي السيد الأعظم بالقتال؟»

قال السيد الأعظم: «لا يمكنني أن أنكر عليك تحديك، شريطة أن تقبلك الفتاة نصيرا لها. غير أنني كنت أود أن تكون في حالة أفضل للقتال. لقد كنت دوما عدوا لطائفتنا، ومع ذلك أود أن تواجه بشرف.»

قال إيفانهو: «هكذا، هكذا بالحال التي أنا عليها، ولا أملك أن أكون غير هذا؛ فهذا هو حكم الرب، وفي رعايته أستودع نفسي.» ثم قال ماضيا على صهوة جواده إلى الكرسي المشئوم: «يا ريبيكا، هل تقبلين بي نصيرا لك؟»

قالت باضطراب لم يتمكن الخوف من الموت أن يصيبها به: «أقبل. أقبل بك نصيري الذي أرسلته لي السماء، ولكن كلا، كلا؛ فإن جراحك لم تشف. لا تواجه هذا الرجل المتكبر. لماذا تهلك أنت أيضا؟»

ولكن إيفانهو كان بالفعل قد اتخذ موقعه، وأغلق قناع خوذته، وأمسك برمحه. فعل بوا جيلبرت مثلما فعل. ولاحظ وصيفه وهو يغلق قناع خوذته أن وجهه الذي كان شاحبا كالرماد طوال النهار على الرغم من الانفعالات التي كانت قد أثارته، فجأة أصبح حينئذ شديد النضارة.

ثم بعدما رأى المنادي أن كل محارب قد اتخذ مكانه، رفع صوته وكرر ثلاث مرات بالفرنسية: «قوما بواجبيكما، أيها الفارسان الباسلان!» أما السيد الأعظم الذي كان يمسك في يده قفاز ريبيكا، رمز التحدي للقتال، فقد ألقاه في ساحة النزال، ونطق كلمة إيذان بدء القتال الرهيبة: «هيا!»

نفخ في الأبواق، وهجم كل فارس على الآخر بأقصى سرعته. سقط جواد إيفانهو المتعب، وراكبه الذي لا يقل عنه إرهاقا، سقطا أرضا، كما توقع الجميع، أمام رمح فارس الهيكل المصوب جيدا وجواده القوي. كان الجميع قد تكهنوا بنتيجة القتال، ولكن على الرغم من أن حربة إيفانهو، بالمقارنة، لم تفعل شيئا سوى أنها لمست ترس بوا جيلبرت، فإن ذلك المحارب ترنح على سرجه، وأفلتت قدماه من ركابيه، وسقط على أرض ساحة النزال؛ مما أذهل جميع من رأوا الأمر.

سرعان ما انتصب إيفانهو واقفا على قدميه بعدما حرر نفسه من جواده الساقط، عامدا بسيفه إلى إصلاح حظه، لكن خصمه لم ينهض، فوضع ويلفريد قدمه على صدره، وذؤابة سيفه على عنقه، آمرا إياه أن يستسلم أو يموت على الفور، ولكن بوا جيلبرت لم يجبه.

Halaman tidak diketahui