Ittihaf Abna Casr
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
Genre-genre
ذكر مآثر رمسيس الثاني سنة 1400ق.م:
ارتقى هذا الملك صغيرا على سرير الملك في حياة والده، ولم تحسب مدة حكمه إلا من بعد وفاة والده «ستي» السابق الذكر، وقد سمته اليونان «سيزوستريس» وهو لقب اشتقوه له من كلمة «سيزوسترع» التي كانت عنوانا عاما لجميع فراعنة مصر، وقد نسب إليه الرواة أغلب أفعال أسلافه، وشابوها بقصص خرافية، ونسبوا إليه أيضا حروبا وغزوات من قبيل الأكاذيب مثل غزوة بلاد فارس، والهند. وقد أفادتنا الآن آثاره أنه كان من كبار الملوك أرباب الغزو والجهاد، وكانت أجل غزواته في شمال بر الشام، ومع حداثة سنه أرسله والده لغزو تلك البلاد، وكان عمره وقتئذ عشر سنين ، فغزاهم وأطاعهم، ثم حارب بلاد الأتيوبيا والقبائل القاطنة هناك على سواحل النيل، فصارت تتواتر مفاخره شيئا فشيئا إلى أن نال أعظم الفضل، فلما مات والده اشتغل بالملك، وعزم على توسيع بلاده بالفتوحات، ففي السنة الرابعة من حكمه قامت عليه سكان آسيا الشمالية، وصاروا إلى أن وصلوا بقرب حدود مصر، فقام رمسيس بجيشه، فاستظهروا عليه في مبدأ الأمر، ولكن أخيرا ظفر بهم، وفي حالة رجوع العساكر المصرية من هذه الحرب قام الكنعانيون وجيرانهم على الجيوش المصرية وكذلك الخيتاسيون حتى صار جميع سكان سواحل نهر الفرات إلى سواحل النيل تقاتل المصريين، وقد اجتمع المصريون مع أمة الخيتاس في قلعة «كدش» في وادي الجريت - وهو وادي نهر العاص بجوار عكا - فظهرت فيه بسالة مفرطة تخلدت في بطون التواريخ، وكانت سببا في القصيدة التي ألقاها الكاتب بنتاؤر - معناها الشاعر اللبيب - المنقوشة على جدران هيكل الكرنك، ولما تيقن أن الخيتاسيين كمنوا له خلف قلعة كدش، بعث يستصرخ بجيشه، فأحدق به الأعداء من كل جانب، فلما عاين خواصه ما حل به تركوا ملكهم في ساحة القتال وفروا على أقدامهم مدبرين، فعند ذلك انقض على عسكر الأعداء بمفرده وجال في جموعهم جول البأس، وصار وهو محدق بالأخطار يبتهل إلى إله مدينة طيبة المدعو «آمون رع»، ويذكر الهياكل الجليلة والمعابد العديدة التي أقامها إحسانا له وهو يقول:
يا أبتي يا آمون! أما لبيت صوتك ومشيت طوع أمرك! أما قربت لك القربان العديدة! أما شيدت لجلالتك معبدا مخلدا على ممر الدهور والأعوام! أما ملأت بيتك بالأسراء أعدائك! ... فأنا أدعوك يا أبتي يا آمون، قد تركتني عساكر الرماة والفرسان الكماة، لكن أنت حسبي يا إلهي من الجيوش المؤلفة والفرسان المتكاثفة والعساكر والجنود والأعلام والبنود.
ثم قال الشاعر المذكور إن الإله لبى نداه، وقبل دعاه، وملأ قلبه بسالة، وملأ قلب العدو خوفا. فاندفع بعربته ست مرات بين الصفوف، وهزم المئين والألوف، ثم أدركه بقية خواصه، فلما دخل الليل تكاملت عنده عساكره، فباتوا تلك الليلة، وفي الصباح أمر الملك بالحملة على الأعداء ، فهجم الفريقان ودارت الدائرة فيها على أمة الخيتاس، ففاز المصريون بالنصر، فطلب ملك الأعداء منه الصلح، وقد مكثت هذه الحرب مدة خمس عشرة سنة، وأخيرا حصلت عهود بين رمسيس ميامون المذكور وملك الخيتاس كتبت على لوح من فضة (موجود الآن بالأنتيكخانة بلندرة)، وبعد انقضاء الحرب بالعهود المذكورة شرع رمسيس في تشييد المباني، فشيد بكل مدينة معبدا لمعبودها، حتى قيل إنه لم يوجد محل قديم بمصر والنوبة إلا وله فيه أثر، وأشهر هذه المباني هيكل مدينة «أبسمبول جنوب مصر» وهو الذي حفر بحيرات التمساح، ومهد الطريق الموصل لاستخراج المعادن من بلاد النوبة، وطهر ترع الوجه البحري وحصن حدود الصحراء بالاستحكامات لمنع إغارة العرب على مصر، ولعدله كانت الأهالي تحبه، وكان إذا أراد التوجه إلى بلد من بلاده قابلته مشايخ البلاد بالملابس العظيمة واضعين على رءوسهم شعورا جديدة معطرة، واقفين على أبوابها وبأيديهم ورد، وهم ينادون: لقد حصل السرور بمشاهدتك يا رمسيس، دمت بصحة وعافية. ومات بعد أن حكم ستين سنة.
ذكر مآثر الملك منفطا الأول:
وهو ابن رمسيس الثاني، كان هذا الملك مباشر الأحكام مدة السنتين الأخيرتين من حكم والده، وجلس على تخت الملك وهو طاعن في السن، وشرع في تشييد المباني العظيمة بالوجه القبلي والبحري، وفي مبدأ حكمه كانت البلاد في هدوء وراحة، ثم ابتدأت إغارات الأجانب؛ حيث ظهر في بحر الروم أسطول حامل جما غفيرا من مقاتل البربر مثل: السليقيون «قبائل اليونان»، وسكان جزيرة صقلية «سيسيليا». وأتي على سواحل ليبيا وانضمت عساكره لعساكر تلك البلاد وهجموا على مصر، وقد دلت النقوشات البربائية أن مصر لم يدخلها عدو منذ خروج عرب الرعاة منها؛ فألقى المصريون سلاحهم مدة نصف قرن، فسقطت همتهم عن استعماله، فلذا لم يوجد عندهم من يقاومهم، فتقدموا حتى كادوا يدخلون مدينة منفيس، فقام منفطا بجيش عرمرم وهزمهم واستولى المصريون على غنائمهم وسلبوا ما كان معهم، وهذه أول واقعة حربية حصلت بين المصريين والأوروباويين.
وبعد موته حصلت حروب أهلية، لم نقف على تفاصيل حوادث هذه الحقبة المضطربة، والذي نعلمه أنه لم يتيسر لابنه «سيتوس الثاني» أن يجلس على تخت الفراعنة إلا بعد موت أبيه بنحو اثنتي عشرة سنة، ومن المحتمل أنه تعاقب على تخت المملكة اثنان بطريق التعدي، منقوش اسمهما على المباني القديمة، ومن المحقق أن ذرية عرب الرعاة القاطنين بالوجه البحري خلعوا أطواق الطاعة من أعناقهم، وأوقعوا السلب والنهب وأشعلوا النيران واللهيب وتجاروا على ذلك عدة أعوام.
معاملة المصريين لبني إسرائيل وخروجهم من مصر سنة 1350ق.م:
كانت عادة الفراعنة استعمال الأسراء في تشييد المباني والعمارات، وقد تكاثر عدد أولئك الأسراء في عهد العائلة الثامنة عشرة والتاسعة عشرة، وكان منهم بنو إسرائيل الذين استعبدهم المصريون واستمروا في العذاب إلى عهد رمسيس الثاني الذي زاد عليهم في التشديد، فشيد مدينة «رعمسيس» بعمال إسرائيليين، ومع شدة ذل الإسرائيليين بأرض مصر نموا وانتشروا، وأخيرا أمر فرعون برمي أولادهم في النيل وقت ميلادهم، وقد نجا موسى عليه السلام بأمر الله على يد ابنة الملك، ثم بعثه الله رسولا للإسرائيليين؛ لإنقاذهم من جور المصريين.
وقد ذكرت التوراة أن نبي الله موسى عليه السلام ألزم فرعون الحاكم وقتئذ بعد ما أراه الآية الكبرى أن يسمح لبني إسرائيل بالخروج من مصر؛ حيث كانوا مقيدين بقيد الأسر ورق العبودية، فقادهم عليه السلام إلى شبه جزيرة جبل الطور، ثم ندم فرعون على تخليصهم من طوق الطاعة فاقتفى أثرهم يقود جيشا جرارا، ولحقهم بالقرب من شاطئ البحر الأحمر بقرب الجهة المعروفة الآن بالسويس، فانفلق البحر لموسى وعبر وقومه سالمين، ولما أراد فرعون أن يتبعهم غرق مع قومه.
Halaman tidak diketahui