Ittihad Urubbi: Muqaddima Qasira Jiddan
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
شجع الوعي بضرورة أن يوفر الاتحاد دعما عسكريا فاعلا لسياسته المشتركة في يوغوسلافيا السابقة الحكومات على تقوية قدرته في ميدان الدفاع؛ لذا فعلى الرغم من إدراكها اعتمادها على حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة للدفاع ضد أي تهديد كبير يواجه أمنها، استخدمت في معاهدة أمستردام لغة أقوى نوعا ما منها في معاهدة ماستريخت فيما يخص قدرة الاتحاد ذاته؛ حيث تصورت «الصياغة التدريجية لسياسة دفاعية مشتركة ربما تؤدي إلى إقامة دفاع مشترك» غرضه المباشر اشتمال المهام الإنسانية، وحفظ السلام، و«إدارة الأزمات بما في ذلك صنع السلام.»
تم التوصل إلى هذا الاتفاق على دور حلف شمال الأطلسي، بصعوبة، في مواجهة البلدان التي رغبت في إبقاء الولايات المتحدة بعيدة عن الصورة، وأبرز ممثليها فرنسا. وقد برهنت التجارب الصعبة في البلقان، ولا سيما في كوسوفو، على أن الأوروبيين - على الرغم من إنفاقهم العسكري البالغ ثلثي إنفاق الأمريكيين - لم يقدروا إلا على تقديم عشر القوة النيرانية التي قدمها الأمريكيون، كما كان تأثيرهم على سير العمليات محدودا بالمثل. وهذا دفع البريطانيين والفرنسيين، الذين قدموا المساهمة الأوروبية الرئيسة، إلى إطلاق مبادرتهم الدفاعية. كانت خبرة الفرنسيين في حروب الخليج والبلقان قد أثبتت أن عليهم الاقتراب من حلف شمال الأطلسي بدرجة أكبر إذا أرادوا تقديم مساهمة عسكرية فاعلة. أما البريطانيون فصاروا من جانبهم يرون ميزة العمل مع الفرنسيين؛ وبعد أن رفضت الحكومة أن تكون عضوا مؤسسا في منطقة اليورو، رأت الدفاع كميدان يمكن أن يضمن فيه لبريطانيا دور محوري في إطار الاتحاد.
كانت النتيجة هي المقترح المشترك بإنشاء قوة رد سريع تابعة للاتحاد الأوروبي يبلغ قوامها ما بين 50 ألف و60 ألف فرد، والذي تبناه المجلس الأوروبي في هلسنكي في ديسمبر 1999، كما ووفق على دمج اتحاد غرب أوروبا في الاتحاد. بدأ الاتحاد الأوروبي يضع لبنات «سياسة أوروبية للأمن والدفاع» (يشار إليها الآن باسم «السياسة الأوروبية المشتركة للأمن والدفاع») لتكون بمثابة الذراع الأمنية للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة، فأسس هيكلا للتخطيط الدفاعي وهيئة الأركان، مع مشاركة وزراء الدفاع بجانب وزراء الخارجية في مؤتمرات المجلس، ولجنة عسكرية تمثل «رؤساء أركان القوات المسلحة» بالدول الأعضاء، وهيئة أركان عسكرية داخل أمانة المجلس؛ وحول اللجنة السياسية المسئولة أمام المجلس إلى لجنة سياسية وأمنية. بدأت التحضيرات لإنشاء قوة للرد السريع مهمتها حفظ السلام، وإدارة الأزمات بشكل مستقل «في الحالات التي لا ينخرط فيها حلف شمال الأطلسي ككل »، وإن كانت ستظل هناك عادة حاجة إلى مرافق الحلف - التي تعني عمليا المرافق الأمريكية - كالنقل الجوي والاستخبارات باستخدام الأقمار الصناعية؛ مما يعني الموافقة الأمريكية على أي عمليات كبيرة. وهكذا تخففت مخاوف الحكومة البريطانية بشأن إضعاف حلف شمال الأطلسي، وطمئنت النمسا وفنلندا وأيرلندا والسويد، وهي دول دأبت على الحيادية، بأحكام تجيز لأي من الدول الأعضاء اختيار عدم المشاركة في أي عمل أو المشاركة فيه. وأعادت لشبونة التأكيد على هذه الأهداف واضعة السياسة الأوروبية المشتركة للأمن والدفاع تحت سيطرة الممثل السامي.
يبين هذا الصعوبات التي تواجه قدرة الاتحاد الدفاعية؛ إذ يجب أن توافق كتلة حرجة من الدول الأعضاء على أي عمل قبل أن يتسنى القيام به؛ وبالنسبة للعمليات الكبيرة التي تحتاج إلى مرافق حلف شمال الأطلسي؛ ومن ثم الموافقة الأمريكية، ربما لا يوافق الأمريكيون على ما يريد الأوروبيون فعله؛ مما سيثير توترات داخل الحلف. وفي حال توافر موافقة الكتلة الحرجة الأوروبية والموافقة الأمريكية كلتيهما، ربما تكون الترتيبات الحكومية الدولية أضعف من أن تطلق عملية ناجحة وتديرها. وعلى الرغم من أن حلف شمال الأطلسي هو أيضا نظام حكومي دولي؛ فإن الزعامة الأمريكية المهيمنة جعلته ينجح. لكن لا يوجد بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي طرف مهيمن، وعلى الرغم من أن هذا الواقع يتيح مزيدا من إمكانية تطوير الاتحاد إلى ديمقراطية عاملة؛ فإنه في الوقت نفسه سيجعل من النظام الحكومي الدولي في ميدان الدفاع نظاما تصعب إدارته.
لم يكن يتوقع سير تطور الاتحاد بسلاسة في ميدان شديد الحساسية يمس السيادة، لكن الاتحاد واجه مواقف أصعب بعد هجوم القاعدة الإرهابي على الولايات المتحدة في سبتمبر 2001، عندما تمزقت العلاقات بين الدول في حلف شمال الأطلسي وداخل الاتحاد نفسه؛ حيث تبنى الأمريكيون نهجا أحاديا حيال «الحرب على الإرهاب»، مقرونا بالتدخل في العراق في مارس 2003. كما شهدت الدول أعضاء الاتحاد انقساما حادا؛ حيث تزعمت الحكومات البريطانية والإيطالية والبولندية والإسبانية المساندة للتدخل الأمريكي، بينما كان الفرنسيون والألمان، وانضم إليهم بعدها بقليل الإيطاليون والإسبان بعد تغير حكومتيهم، أبرز المعارضين لهذا التدخل. ربما كان متوقعا أن يعوق هذا استمرار تطوير قدرة الاتحاد في ميدان الأمن العسكري، وكذلك العلاقات داخل حلف شمال الأطلسي، وقد أخر فعلا تقدم السياسة الأوروبية للأمن والدفاع لبعض الوقت، لكن الاتحاد واصل تطوير قدرته في ميدان الأمن، وبحلول عام 2004 كان قادرا على الحلول محل قوة حفظ السلام التابعة للحلف في البوسنة، وإنشاء «وكالة الدفاع الأوروبية» لتحسين كفاءة إنتاج الأسلحة، وإنشاء مجموعات قتالية قوام الواحدة 1500 فرد؛ بهدف نشرها في غضون 5 أيام من صدور قرار من المجلس بشن عملية.
مع تطوير الاتحاد قدرته في ميدان الأمن، سيصبح شيئا أكثر من مجرد قوة مدنية عظيمة، لكن لقوته في الجوانب الاقتصادية والبيئية والجوانب الأخرى من السياسة الخارجية - التي تسمى بأسلوب فيه شيء من التلطف «القوة الناعمة» - أهمية شديدة بالفعل، ولديها إمكانية إضافية عظيمة بوصفها قوة لإيجاد عالم أكثر أمنا وازدهارا.
الفصل التاسع
الاتحاد الأوروبي وسائر أوروبا
من أشد ما يثير الإعجاب في الاتحاد الأوروبي قدرته على تطوير مجموعة صغيرة من الدول المتشابهة نسبيا في أوروبا الغربية، وبسط رقعتها لتصبح اتحادا أوروبيا أكثر اتساعا وعمقا بكثير. وقد تناولنا في الفصل الثاني عملية التعمق والتوسع منذ الخمسينيات، بما فيها من أوجه تآزر وتناقض. وفي إطار هذه العملية الطويلة، كان التوسع في أوروبا الوسطى والشرقية هو الأشد إثارة للنزاع، باستثناء رد فعل ديجول تجاه طلب الانضمام البريطاني. وفي حين أن الدول الأعضاء توافقت عموما على أن التوسع شرقا سيكون محل ترحيب، بغية توسيع مساحة الازدهار والأمن، كانت هناك أيضا درجات متفاوتة بشدة من الحماس إلى حد أن مناقشة «إجهاد التوسع» لم تعد بالأمر النادر في الدول الأعضاء القديمة. ولا ريب أنه كانت هناك مشكلات آتية في الطريق، لكن يمكن النظر إلى التوسع كجزء جوهري من الاتحاد الأوروبي واستمرار تطوره، وبالأخص في تعاملاته مع من يظلون خارجه. وما زالت المعاهدة تؤكد أن العضوية مفتوحة أمام أي دولة أوروبية تحترم «مبادئ الحرية والديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية، وسيادة القانون.» (1) التوسع لاشتمال أغلبية أوروبا الغربية
هناك إجراء روتيني يتبع في عملية التوسع؛ فعند تلقي طلب انضمام، يطلب المجلس من المفوضية «رأيها» الذي يجوز له على أساسه أن يقر، بالإجماع، تفويضا لإجراء المفاوضات. تتفاوض المفوضية تحت إشراف المجلس، ويلزم في نهاية المطاف إقرار معاهدة انضمام بالإجماع في المجلس، وبموافقة البرلمان، يليها التصديق في الدول الأعضاء كافة.
Halaman tidak diketahui