Ittihad Urubbi: Muqaddima Qasira Jiddan
الاتحاد الأوروبي: مقدمة قصيرة جدا
Genre-genre
حقق التعاون السياسي الأوروبي فعلا نتيجة مبكرة هامة عندما أدرجت الدول الأعضاء حقوق الإنسان على جدول أعمال «مؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا»، وقبل الاتحاد السوفييتي النص الذي تم تبنيه في النهاية، والذي تبين - على الرغم من أن أحدا لم يعتبره آنذاك ذا شأن كبير - أنه عضد الاضطراب الذي ساهم في حل الكتلة السوفييتية. وبوجه أعم، ابتكر دبلوماسيو الدول الأعضاء طرقا للعمل سويا قدر لها أن تفرز كثيرا من المواقف المشتركة حيال طائفة واسعة من الموضوعات، في العلاقات مع الدول الأخرى وفي الأمم المتحدة أيضا. وبحلول عام 1985، كانت فرنسا مهيأة لقبول الحاجة إلى تقريب التعاون السياسي الأوروبي إلى الجماعة، فاشتمل عليه في القانون الأوروبي الموحد.
تمثل التطور الشكلي التالي الذي شهده التعاون في مجال السياسة الخارجية في تضمينه في معاهدة ماستريخت، لينضم بذلك إلى الجماعة بصفته «الركيزة الثانية» للاتحاد الأوروبي. فقد أثار احتمال توحيد ألمانيا قلق فرنسا التي خشيت احتمال تخفيض ألمانيا - بعد أن تصير أكبر حجما - الشراكة الفرنسية الألمانية، واتباعها سياسة شرقية مستقلة. وكما أيد الفرنسيون العملة الموحدة لإرساء ألمانيا في إطار الجماعة، أرادوا سياسة خارجية مشتركة للحد من استقلالية ألمانيا في العلاقات مع الشرق. أما الألمان، الذين كانوا بعيدين عن معارضة هذا الطرح، فقد رأوه جزءا من مخطط قيام أوروبا موحدة بطريقة فيدرالية. ورأى كل من الرئيس ميتران والمستشار كول في وجود سياسة خارجية مشتركة، بجانب العملة الموحدة، ترسيخا للسلام الدائم في أوروبا؛ لذا اقترحا عقد مؤتمر حكومي دولي حول «الاتحاد السياسي» بالتوازي مع المؤتمر المعني بالاتحاد الاقتصادي والنقدي.
شكل : كول وميتران يدا بيد بين المقابر التي تضم رفات مليون جندي فرنسي وألماني.
وعندما سألتهما السيدة تاتشر عما يعنيانه بالاتحاد السياسي لم تتلق إجابة واضحة. كان أحد الأسباب أن الاثنين، على الرغم من اتفاقهما على فكرة انتهاج سياسة خارجية مشتركة (أحد العنصرين اللذين استعمل لهما المصطلح)، كانا مختلفين بشأن إصلاح المؤسسات (العنصر الآخر)، ذلك أنه على الرغم من رغبة الفرنسيين في تقوية العناصر الحكومية الدولية ، وبالأخص المجلس الأوروبي، كان الألمان يريدون التحرك صوب نظام فيدرالي بتقوية البرلمان؛ لذا كان من الصعب أن يتحدثا بصوت واحد عن هذا الأمر. لم تكن تاتشر تريد أي الاثنين، وعلى الرغم من قبولها التعاون السياسي الأوروبي القائم، لم تكن تريد أن تكون لمؤسسات الجماعة يد فيه. وبينما كانت ألمانيا تتصور أن تسير السياسة الخارجية في اتجاه تحولها إلى أحد اختصاصات الجماعة، عارضت فرنسا أيضا هذه الفكرة، فكانت المحصلة «الركيزة الثانية» الحكومية الدولية المعنية «بالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة».
أعطيت السياسة الخارجية والأمنية المشتركة اسما أفخم من «التعاون السياسي الأوروبي» ومؤسسات أكبر. وفي أعقاب أداء أوروبا السيئ في حرب الخليج، ذكر الدفاع في المعاهدة، لكن بعبارات مبهمة لاستيعاب كل من الرغبة الفرنسية في إنشاء قدرة دفاعية أوروبية مستقلة، والمعارضة البريطانية لأي شيء من هذا القبيل خشية إضعاف الناتو؛ لذا لم ينتج الكثير عن استخدام كلمة دفاع، كما لم تتمخض السياسة الخارجية والأمنية المشتركة في الحقيقة آنذاك عن نتائج أحسن كثيرا مما حققه التعاون السياسي الأوروبي قبل ذلك؛ لذا كانت هناك محاولة ثانية، في إطار معاهدة أمستردام، لاستحداث ركيزة ثانية مرضية.
أوضحت معاهدة أمستردام عددا من الجوانب، من ضمنها مجموعة من الأهداف العامة للسياسة الخارجية والأمنية المشتركة، وإمكانية استخدام التصويت بالأغلبية المشروطة في بعض الحالات، فضلا عن التعاون المعزز. الأمر الأشد أهمية كان محاولة النص على نظام أبسط للتمثيل الخارجي، وذلك باستحداث منصب ممثل سام؛ وهو منصب سيشغله أمين عام أمانة المجلس؛ بمعنى أنه منصب حكومي دولي. وقد سمح هذا، مقرونا بزيادة القدرات التخطيطية داخل الأمانة، للممثل السامي، وهو أمين عام حلف شمال الأطلسي السابق خافيير سولانا، بإبراز صورة أقوى كثيرا للاتحاد في المنظمات الدولية.
رسم بياني (9): كيف يمثل الاتحاد الأوروبي فيما يخص السياسة الخارجية والأمنية المشتركة.
غير أن معاهدة أمستردام والترقيعات الطفيفة التي أدخلتها معاهدة نيس كانت لا تزال غير كافية للتصدي للمشكلات البنيوية المستمرة التي واجهتها السياسة الخارجية والأمنية المشتركة؛ لذا ركزت عملية لايكن صراحة على ضرورة الانخراط في إعادة تنظيم جوهرية للتمثيل الخارجي؛ مما أفضى في النهاية إلى معاهدة لشبونة التي أنهت نظام ركيزة ماستريخت، وحاولت خلق شخصية خارجية واحدة. كان المنوط بهذا المنصب الجديد، وهو «الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية والسياسة الأمنية»، الربط بين المفوضية والمجلس؛ إذ سيكون شاغله نائب رئيس المفوضية ورئيس هيئة الشئون الخارجية بالمجلس، إضافة إلى حضوره المجالس الأوروبية. بإيجاز، كانت لدى الممثل السامي إمكانية أن يصبح لاعبا سياسيا دوليا أساسيا، ولا سيما بدعم من موارد دائرة جديدة؛ هي «الدائرة الأوروبية للشئون الخارجية» التي تمثل في جوهرها سلكا دبلوماسيا أوروبيا. وباستخدام الإطار القانوني للمواقف والأعمال المشتركة للمجلس، كان هناك مجال كبير لصياغة موقف أوروبي مميز في العالم.
بينما ساعدت إعادة التنظيم على تقليل قدر مما اتصف به النظام في السابق من تعقيد وتكرار دون داع، من العدالة أيضا أن نقول إن اختيار كاثرين أشتون لتكون أول من يشغل منصب الممثل السامي دل أيضا على تواصل الحدود التي سعى الزعماء الوطنيون إلى فرضها؛ فبدلا من اختيار شخصية بارزة بالغة النشاط، دل قرار اختيار البارونة كاثرين أشتون على الدور الذي يغلب عليه الطابع الإداري لهذا المنصب؛ ومن ثم انحصر معظم عملها حتى الآن في تولي إنشاء هياكل لشبونة الجديدة وتعبئتها بدلا من القيام بعمل بارز. والحقيقة أن الدورين المؤسسيين الثنائيين أسفرا عن تقسيم لمحور التركيز بقدر ما أسفرا عن توحيد للسياسة.
سوف يستمر الدمج التدريجي للتمثيل الخارجي على الأرجح، ولا سيما ما إن تتمكن المؤسسات الجديدة من الاستقرار وتطوير هوياتها المؤسسية، كما سيلعب يقينا الدور المتنامي للبرلمان الأوروبي في التأثير على مخصصات الميزانية دورا في هذا، لكن الأرجح أن الأمن سيكون المجال الذي ستلمس فيه أبرز النتائج. (3) الأمن
Halaman tidak diketahui