188

ومن ذلك قوله عز وجل: { وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا (12) } [الأحزاب] ، يعني: يوم الأحزاب ، ثم يقول بعد ذلك: { ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله } [الأحزاب: 22] ، فدل بهاتين الآيتين (¬1) على أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان وعد أصحابه وعدا ظاهرا ، أن الأحزاب يأتون ، وأن الله ينصرهم عليهم ، حتى عرفه المؤمنون والمنافقون وانتشر فيهم ، حتى قال المنافقون: { ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا (12) } ، وقال المؤمنون حين رأوا الأحزاب: { هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله } ، وهذا مما لا يعلمه ولا يطلع عليه إلا الله عز وجل ، لأنه لا سبيل إلى العلم بأن الأحزاب يأتونه ، وأنهم مع قوتهم وكثرتهم ينهزمون لا محالة .

فإن قيل: هذه الآية نزلت بعد يوم الأحزاب .

قيل له: هذا وإن كان كذلك ، ففيها دلالة على أن الوعد به كان قد تقدم .

ألا ترى إلى ما حكى الله تعالى عن المؤمنين والمنافقين في ذلك . والنبي صلى الله عليه وآله وسلم تلا ذلك عليهم ، ولو لم يكن الأمر كذلك ، لم يكن ليتلو صلى الله عليه وآله ذلك عليهم ويدعيه ، لئلا يكون منبها لهم على كذبه ، حاشاه صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك !!

Halaman 242