122

الكلام في بيان ماله كان معجزا

اعلم أن ما فيه من الإخبار عن الغيوب لا إشكال في كونه معجزا ، لأن مثله لا يجوز أن يصدر إلا عن علام الغيوب ، وسنفرد لذلك كلاما بعون الله .

وأما ماله كان معجزا من غير هذا الوجه ، فقد اختلف فيه على ما نبينه .

وهذا الاختلاف لا يقدح في الدليلين اللذين قدمنا ذكرهما ، لأن واحدا منهما لم يبن على وجه مخصوص مما اختلف فيه .

وإنما بنينا الدليل الثالث فقط على وجه مخصوص مما اختلف فيه ، لأنه مبني على أنه صار معجزا للنظم المخصوص ، واقعا في أعلى طبقات الفصاحة ، على ما مضى القول فيه ، فأي وجه من الوجوه التي اختلف فيها صح ، لم يقدح فيما قدمناه من الدليلين .

وذلك أنهما مبنيان على أنه قد تعذر على العرب الاتيان بمثله ، على وجه انتقضت به العادة ، فلأي وجه كان التعذر لم يؤثر ذلك في كونه معجزا .

ألا ترى أن نبيا من الأنبياء لو أتى بما يتعذر الاتيان بمثله على جميع البشر علمنا أنه معجز ، وإن شككنا أنه تعذر لجنسه أو صفته ، أو لأية صفة كانت من صفاته ، أو لأن الخلق أجمع صرفوا عنه ، على أي وجه حصل الصرف ، لأن الذي يتم به كونه معجزا ، هو حصول التعذر على وجه تنتقض به العادة ، فكذلك ما قلناه في وجوه إعجاز القرءان .

Halaman 174