89

Ithaf Dhawi Albab

إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

Penerbit

منشورات منتديات كل السلفيين.

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.

Genre-genre

Tafsiran
كِتَابٍ﴾ (١) أَنَّ مَعْنَاهُ: كُلُّ مَنْ طَالَ عُمْرُهُ أَوْ قَصُرَ فَهُوَ مَكْتُوبٌ فِي الكِتَابِ، وَأَنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: ﴿ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ﴾ (٢) أَنَّ الأَجَلَ المُسَمَّى عِنْدَهُ هُوَ الأَجَلُ الَّذِي قَضَاهُ، وَأَنَّ قَوْلَهُ - تَعَالَى -: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ (٣) عَلَى عُمُومِهِ، حَتَّى فِي الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ وَالأَجَلِ وَالرِّزْقِ وَالخَلْقِ وَالخُلُقِ، لَكِنْ بِاعْتِبَارِ مُتَعَلَّقِ الكِتَابَةِ وَالعِلْمِ - كَمَا مَرَّ -؛ لأَنَّ مِنَ المُشَاهَدِ أَنَّ الشَّخْصَ يَكُونُ كَافِرًا - وَذَلِكَ مَكْتُوبٌ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ لأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الحَوَادِثِ - ثُمَّ يُسْلِمُ، وَمُسْلِمًا ثُمَّ يَكْفُرُ، وَفَقِيرًا ثُمَّ يَسْتَغْنِي، وَعَكْسُهُ.
وَلَا رَيْبَ أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ حَوَادِثُ، وَالحَوَادِثُ كُلُّهَا مَكْتُوبَةٌ فِي اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، فَبِالضَّرُورَةِ حَصَلَ المَحْوُ وَالإِثْبَاتُ، وَأَنَّ عِلْمَ اللِه - تَعَالَى - بِذَلِكَ أَزَلِيٌّ، لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا يَتَبَدَّلُ؛ فَقَدْ ثَبَتَ بِالدَّلَائِلِ القَطْعِيَّةِ أَنَّ اللهَ عَالِمٌ بِالآجَالِ وَالأَرْزَاقِ - وَغَيْرِهَا -.
وَحَقِيقَةُ العِلْمِ: مَعْرِفَةُ المَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، فَإِذَا عَلِمَ اللهُ أَنَّ زَيْدًا يَمُوتُ فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ اسْتَحَالَ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَهَ أَوْ بَعْدَهُ، فَلَا يَتَغَيَّرُ عِلْمُهُ - تَعَالَى - بِذَلِكَ، وَإِنَّ المَعْلُومَ هُوَ الَّذِي يَتَغَيَّرُ وَيَتَبَدَّلُ عَلَى وَفْقِ عِلْمِهِ، وَيَنْتَقِلُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَذَلِكَ مَعْلُومٌ بِضَرُورَةِ المُشَاهَدَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَمْحُو شَيْئًا وَلَا

(١) سُورَةُ (فَاطِر)، آيَة (١١).
(٢) سُورَةُ (الأَنْعَام)، آيَة (٢).
(٣) سُورَةُ (الرَّعْد)، آيَة (٣٩).

1 / 96