80

Ithaf Dhawi Albab

إتحاف ذوي الألباب في قوله - تعالى -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

Penerbit

منشورات منتديات كل السلفيين.

Nombor Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢م.

Genre-genre

Tafsiran
قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ حَدِيثُ: «صِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي العُمُرِ» (١)، وَدُعَاءُ مَنْ دَعَا مِنَ السَّلَفِ: «اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ كَتَبْتَنَا شَقِيًّا فَامْحُنَا وَأَثْبِتْنَا سُعَدَاءَ» (٢)؛ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنَ المَقْدُورِ المُقَدَّرِ بِأَسْبَابٍ، وَأَنَّ السَّعَادَةَ - وَنَحْوَهَا - مُقَدَّرَةٌ بِهَذَا الدُّعَاءِ - كَمَا يُقَالُ فِي بَقِيَّةِ الأَدْعِيَةِ -، وَإِلَّا لَكَانَ الدُّعَاءُ كُلُّهُ لَا فَائِدَةَ فِيهِ - كَمَا هُوَ مَذْهَبُ قَوْمٍ -، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.
وَهَذَا جَمْعٌ بَيْنَ القَوْلَيْنِ يُرِيحُكَ مِنَ الخُلْفِ (٣) الوَاقِعِ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ - كَمَا مَرَّ تَقْرِيرُهُ -، وَإِلَّا فَمَعَاذَ اللهِ - وَحَاشَا - لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ وَابْنِ مَسْعُودٍ - وَأَضْرَابِهِمَا -؛ فَإِنَّهُمْ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَتَوَهَّمُوا أَنَّ عِلْمَ اللهِ يَتَغَيَّرُ، وَأَنَّهُ يُبَدِّلُ شَقَاوَةَ مَنْ عَلِمَ شَقَاوَتَهُ فِي الأَزَلِ أَبَدًا بِسَعَادَةٍ (٤)، فَيُؤَدِّي ذَلِكَ لِلْبَدَاءِ القَائِلِ بِهِ الرَّافِضَةُ، وَهُوَ عَلَى اللهِ مُحَالٌ، وَإِنَّمَا دَعَوْا بِذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ تَكُونَ السَّعَادَةُ مِنَ المَقْدُورِ المُقَدَّرِ بِأَسْبَابٍ، فَتَأَمَّلْ تَحْرِيرَاتٍ لَا تَرَاهَا مَسْطُورَةً فِي كِتَابٍ؛ بَلْ هِيَ مِمَّا فَتَحَ عَلَى عَبْدِهِ الفَتَّاحُ الوَهَّابُ.

(١) تَقَدَّمَ تَخْرِيجُهُ (ص٣٢).
(٢) انْظُرْ (ص٢٥ - ٢٦).
(٣) بِالضَّمِّ؛ قَالَ فِي «المِصْبَاحِ المُنِيرِ»: «وَخَالَفْتُهُ مُخَالَفَةً وَخِلَافًا وَتَخَالَفَ الْقَوْمُ وَاخْتَلَفُوا: إذَا ذَهَبَ كُلُّ وَاحِدٍ إلَى خِلَافِ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْآخَرُ، وَهُوَ ضِدُّ الِاتِّفَاقِ، وَالِاسْمُ: (الخُلْفُ) بِضَمِّ الخَاءِ».
(٤) يُرَادُ مِنَ السِّياقِ: أَنَّ اللهَ ﷿ لَا يُبَدِّلُ شَقَاوَةَ أَحَدٍ - مَعْلُومَةً فِي الأَزَلِ - إِلَى سَعَادَةٍ بَعْدَ ذَلِكَ، فَـ (أَبَدًا) - هُنَا -: مُتَعَلِّقَةٌ بِـ (يُبَدِّلُ)، وَهِيَ عَلَى الظَّرْفِيَّةِ الزَّمَانِيَّةِ المُسْتَقْبَلِيَّةِ.

1 / 87