المبحث الثالث: نشأته وطلبه للعلم:
نشأ الحافظ ابن عبد البر وترعرع بمدينة قرطبة عاصمة الخلافة بالأندلس، ومدينة العلم والفضل والحضارة، ومطمح أفئذة العلماء آنذاك، فقد كانوا يشدون إليها الرحال لرواية الحديث ودراسة الأدب والفقه ومختلف العلوم، وكان العلماء يتنافسون ويتسابقون في الحفظ والفهم وفى التدوين والتأليف في مختلف العلوم وشتى ضروب المعرفة يضاف إلى هذا كله ما كان للعلماء عند أهل قرطبة من حب واحترام وتوقير إلى ما هنالك من ظروف بيئية واجتماعية مواتية لظهور النبوغ واستغلاله في هذا الميدان، في مثل هذه البيئة وفى مثل هذا الجو نشأ حافظ الغرب بأسره الحافظ ابن عبد البر.
فالحافظ ابن عبد البر نشأ بقرطبة وبها طلب وتفقه، ولزم أبا عمر أحمد بن عبد الملك بن هاشم الفقيه الاشبيلى، كتب بين يديه، ولزم أبا الوليد بن الفرضى الحافظ، وعنه أخذ كثيرًا من علم الحديث، قال الذهبى: فاته السماع من أبيه أبى محمد فإنه مات قديما في سنة ثمانين وثلاثمائة (٣٨٠) وكان أبوه فقيها عابدا مجتهدا عاش خمسين (٥٠) سنة. وذكر الذهبى أيضًا أن الحافظ ابن عبد البر طلب العلم بعد التسعين والثلاثمائة (٣٩٠) (١) وذكر الذهبى أيضًا أنه طلب الحديث قبل مولد الخطيب بأعوام (٢).
المبحث الرابع: رحلاته:
لم يخرج الحافظ ابن عبد البر من بلاد الأندلس. وهذا ما قاله أحد تلاميذه وهو الحافظ الحميدى (٣).
_________
= (١١/ ٣/ ٣٦١)، الديباج المذهب (٢/ ٣٦٩)، شذرات الذهب (٣/ ٣١٦).
(١) سير أعلام النبلاء (١١/ ٣/ ٣٥٩).
(٢) انظر تذكرة الحفاظ (٣/ ١١٢٨).
(٣) انظر جذوة المقتبس (ص ٣٦٧)، سير أعلام النبلاء (١١/ ٣/ ٣٦٣).
1 / 27