فقبل عماد الدين يد السيدة سالمة وهنأها بالسلامة ولقاء حسن، ثم قال لهما: «إني أهنئكما وأهنئ نفسي بأن السيد عبد الرحمن في خير وأمان، بل هو الآن من أكابر المقربين إلى الشيخ ضاهر، وقد خصص له مسكن إلى جواره في هذه القلعة.»
فلم يتمالك حسن ووالدته من البكاء فرحا بهذه البشرى، ثم أشار عليهما بالذهاب معه إلى منزله والانتظار هناك حتى يأتي إليهما بالسيد عبد الرحمن، بعد أن يمهد لديه لهذا اللقاء حتى لا تضره المفاجأة. فنهضا وصحباه إلى منزله بعد أن ودع حسن حارس الباب وشكره على حسن ضيافته. •••
كان السيد عبد الرحمن قد أوى إلى حجرته عقب عودته إلى القلعة، فلما دخل عليه عماد الدين وجده مطرقا يفكر وعلائم القلق بادية في محياه.
فقال له: «فيم تفكر يا صديقي؟ ألا تحمد الله على ما نلت من حظوة لدى حاكم المدينة؟»
فقال السيد عبد الرحمن: «آه يا عماد الدين! إني لو أعطيت ملك الدنيا كلها ما أنساني ذلك حزني لفراق حسن ووالدته وانقطاع أخبارهما، وإني لأضرع إلى الله أن يعجل برجوع علي خادمي من مصر عسى أن يكون قد وقف على شيء عنهما هناك؛ فقد كاد اليأس من لقائهما يستولي على قلبي.»
فقال عماد الدين: «ولم اليأس يا سيدي؟ أليس الله بقادر على أن يجمعك بهما قبل رجوع علي من مصر؟»
قال: «إن الله قادر على كل شيء، ولكني أخشى أن يذهب عمري وأنا لا أزال أبحث عنهما.» وأخذت عبراته تتساقط على خديه.
فتأثر عماد الدين لبكائه وقال له: «لقد صبرت طويلا يا سيدي، والصبر مفتاح الفرج، وقد جئتك الآن مبشرا بنبأ فيه ما يسرك.»
فهب السيد عبد الرحمن واقفا وقال له: «ما هو هذا النبأ؟ قل يا ولدي، بشرك الله بكل خير.»
قال: «قد علمت الآن من مصدر وثيق الاطلاع أن حسنا جاء إلى عكا.»
Halaman tidak diketahui