لذلك أقسم له بين الأعزاء ومع العظماء، يقسم غنيمة من أجل أنه سكب للموت نفسه، وأحصى مع إثمه، وهو حمل خطية كثيرين وشفع في المذنبين. (إشعيا، 53: 12)
وفي المستقبل الآتي مع النجار يسوع بن مريم نجده قد وجد لديه في عذابات قديسنا المجهول نظرية كاملة عن «المعذب الذي جاء يحمل خطية البشر»، وليس من الضروري أن يكون العذاب على ذنب بقانون النار لا تحرق مؤمنا؛ فربما يكون العذاب خاصا بالمتقين بقانون المؤمن مصاب. ويمكن أن يتعذب البريء التقي بعلم الله وإرادته ليفسح المجال للخاطئين كي يتوبوا، وتلك الفكرة وإن كانت فلسفة غامضة غير منطقية أو مقبولة عقلا، فإنها كذلك لأنها من أسرار يهوه غير المفهومة، أسراره المحجوبة على أفهام البشر، ويشرح يهوه فلسفته الجديدة الغامضة:
لأن أفكاري ليست أفكارهم، ولا طرقهم طرقي، يقول يهوه، لأنه كما علت السموات عن الأرض، هكذا علت طرقي وأفكاري عن أفكاركم. (إشعيا، 55: 8-9)
وهكذا تمت صياغة فكرة الرسالة الفدائية لإسرائيل من أجل البشرية؛ لأنه عبد يهوه وبشيره ونذيره الذي يجب عليه أن يتحمل ويحمل شريعة الرب إلى «الجزائر ... والأمم ... البعيدة» (إشعيا، 49: 1). وهكذا سجل هذا القديس لأول مرة فتحا مبينا في تاريخ اليهودية التي لم تعد تقتصر على شعب بني إسرائيل؛ لأن شعب بني إسرائيل لفضله وأصالته قد تم اختياره ليحمل الرسالة ويتحمل العذاب إلى الشعوب الأخرى بالدعوة لمجد يهوه.
ومن أجل مجد يهوه لم يلتفت إشعيا المجهول إلى أن قورش كان من غير بني إسرائيل بالدم والعنصر، ولم يهتم بكونه كان وثنيا تماما حتى مماته؛ فهو أول المهديين الذين تم هداهم لخدمة يهوه، وأن يهوه بنفسه هو من مسحه مسيحا لأنه كان رسول يهوه المنتظر من زمن طويل، الذي سينفذ إرادة يهوه. ويرسم إشعيا المجهول صورة فصيحة لدمار بابل القريب، وأن يهوه سيسير أمام قورش ليفتح له أبواب سور بابل.
أنا أسير أمامك والهضاب أمهد أكسر مصراعي النحاس، ومغاليق الحديد أقصف. (إشعيا، 45: 2) «وقد ذهب البعض إلى أن فتح بابل قد تم عبر اتفاقات سرية مسبقة بين اليهوذيين المسبيين وبين قورش، وكان اليهوذيون في بابل يعيشون كمواطنين داخل المدينة.»
وبينما يذهب شعب بابل إلى المنفى حسب تلك النبوءة، فإن شعب إسرائيل سيعود إلى وطنه ويصبح صاحب مجد عظيم، وأن كاس الألم ستشربه شفاه الذين عذبوا شعب الرب (51: 22-23) والظالمون سيأكلون أجسادهم ويشربون دمهم كالخمر (46: 26).
وسوف تأتي كل الشعوب بجزيتها وكنوزها إلى دولة شعب الرب (45: 14)، وسيلحق بالوثنيين الخزي والعار، لكن بعضهم سيؤمن بيهوه ويأتون إليه يقولون:
فيك وحد الله وليس آخر إلها. (إشعيا، 14: 45)
وستقوم أورشليم عاصمة كبرى مقدسة يناديها النبي:
Halaman tidak diketahui