عمارة البيت
انتصب هذا البيت الخالد رمزا للعبادة ، وشعارا للتوحيد ، وقد مرت عمارته بأطوار ومراحل ، فهدم وبني مرات كما زين بالذهب والفضة ، وكسي بألوان الحلي حتى صارت كسوة البيت عادة وتقليدا سنويا لدى المسلمين .
كما كانت الكعبة تحظى بالتقديس والاكبار في عصور الجاهلية قبل الإسلام ، وكانت تهدى لها الهدايا والنذور والهبات ، وكان لها خزانة في داخلها ، عبارة عن بئر توضع فيه الهدايا والنذور وأموال الكعبة ، وكان من جملة هدايا الكعبة وأموالها التي حدث التاريخ عنها غزالان من ذهب سرقا حين جرف السيل بنية الكعبة ، فقد ذكر أن أحد السراق (49) وهو (دويك) مولى لبني مليح بن خزاعة تجرأ فسرق من أموال الكعبة ما استطاع أن يسرقه؛ سرق الغزالين الذهبيين اللذين أخرجهما عبدالمطلب من زمزم بعد دفن جرهم لهدايا الكعبة عند هزيمتها ، فتناهى خبر السرقة إلى قريش فعظم عليهم الأمر ، فحكموا بقطع يد السارق فقطعت .. واجتمعت قريش تتدارس الأمر وتتشاور فيما بينها ، فاستقر الرأي على هدم بنيتها وإعادة بنائها ، وقد أوجس الناس خيفة من هدم الكعبة ، وخافوا نزول العذاب ، وابتعدوا عنها حتى بدئ بهدمها لما في الكعبة من حرمة في النفوس ومقام متوارث في القلوب .
ذكر المؤرخون أن سبب هدم الكعبة وتجديد بنائها هو تعرض بنيتها للسيول
وانجرافها .. وقيل أيضا أنها كانت رضيمة (50) فوق القامة فأرادوا رفعها وتسقيفها ، وكان الوليد بن المغيرة أول من بدأ عملية الهدم ، وكان الناس ينتظرون ماذا سيحل بالوليد ، وكانوا يقولون : (ننظر فإن اصيب لم نهدم منها شيئا ، فأصبح الوليد سالما وغدا إلى عمله فهدم والناس معه) (51) .
Halaman 41