34

من شعائر الله

لقد بدأت خارطة الرموز تتشكل وتتكامل من يوم وقفت هاجر على الصفا والمروة ، وسعت جيئة وذهابا سبع مرات تبحث عن الماء وترقب أمن إسماعيل .

فكانت بداية التأسيس لسعي الحجيج ، وتعداد أشواط السعي بين الصفا والمروة .

وتحدث القرآن عن هذا الرمز والمنسك العبادي الخالد فوصفه بقوله :

(إن الصفا (28) والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ، ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم ).( البقرة / 158 )

الطباطبائي / الميزان في تفسير القرآن ، تفسير الآية .

ولم تسلم الصفا والمروة والبيت الحرام من أرجاس الجاهلية وتدنيس الوثنية ، فقد سرى الشرك إلى النفوس ، ودب الانحراف إلى العقول ، وزيف دين إبراهيم ، وشوهت عقيدة التوحيد ، فنصبت الاوثان على الصفا والمروة كما نصبت في البيت الحرام ، فقد نصبت الجاهلية وثنا على الصفا ويدعى (أساف) ووثنا على المروة ويدعى (نائلة) ، فكان الجاهليون يسعون بين الوثنين ويمسحونهما . وحين قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قيل له : (يا رسول الله ! إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين ، وليس الطواف بهما من الشعائر ، فأنزل الله : ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ... ) (29) .

برزت الصفا والمروة معلما وشعيرة من معالم وشعائر الإسلام ، شاء الله ذلك فأجرى مشيئته رمزا صامتا ، وحركة مبهمة على يد هاجر ، حتى نودي بالحج .. وحتى أفصح القرآن .

إن السعي بين الصفا والمروة هو رمز ينطوي على معنى ومغزى أوضحه الحديث المروي عن الامام علي بن الحسين السجاد (عليه السلام) من خلال حوار بين الامام والشبلي .

سأله (عليه السلام) قائلا :

«... يا شبلي ! طفت بالبيت ومسست الأركان وسعيت ؟

قال : نعم ...

قال (عليه السلام) : فحين سعيت نويت أنك هربت إلى الله وعرف ذلك منك علام الغيوب ؟

قال : لا ...

قال : فما طفت بالبيت ، ولا مسست الأركان ولا سعيت» (30).

Halaman 31