Ismail Asim dalam Perarakan Kehidupan dan Kesusasteraan
إسماعيل عاصم في موكب الحياة والأدب
Genre-genre
عزتلو حضرة الأصولي الفاضل صاحب جريدة «الظاهر» الزاهرة
اطلعنا في العدد 176 الصادر بتاريخ 18 يونية الجاري على مقالة لعزتكم تحت عنوان «فقدان الخطابة من مصر»، وقد تذكرتم فيها تاريخ مصر عقب الاحتلال وما كان لها من النهضة الوطنية، ثم ذكرتم ما كان فيها منذ عشرة أعوام من الجمعيات العلمية ومجتمعات الأحزاب السياسية والكتاب والخطباء؛ لتنبيه الهمم وإحياء العواطف، ثم أصبحنا وقد خفتت تلك الأصوات ولم يبق في الأمة من نابغيها غير خطيب واحد يخطب في السنة مرة أو مرتين حتى بح صوته وجف ريقه ... وتمنيتم لو اجتمع عدد من الشبان فيتوجهون إلى البلاد الأوروباوية ويخطبون هناك ويبثون الشكوى من فعال المحتلين في مصر؛ ليكون لنا بذلك مستقبل سعيد ... هذا أهم ما ورد في تلك المقالة.
وإني أشكر لعزتكم هذه الغيرة وهذه العواطف، ولكني أرجوكم أن تسمحوا لي بإبداء الملاحظات الآتية ونشرها في جريدتكم الغراء، وهي:
أولا:
إنه عند دخول المحتلين مصر لم يكن فيها شيء اسمه النهضة الوطنية، ولم تر فيها غير شرذمة من قواد العساكر ثاروا ضد أمير البلاد والهيئة الحاكمة ينادون بالجنسية المصرية، ويمقتون من لم يكن على شاكلتهم، وأخذوا يجبرون الأهالي على مقاومة السلطة الخديوية ومناوأة الحكومة، فتارة ينادون بعزل الخديوي وطورا يرمونه بالمروق من الدين مع ما كان عليه - رحمه الله - من الصلاح والتقوى وحب الخير لبلاده، ولم يكن فيه عيب غير عدم الاستبداد والطمع اللذين كانا في عهد غيره، حتى تجرأت الأسافل والأوغاد على تلك الأفعال المشئومة التي كانت السبب الوحيد في احتلال البلاد بطلب أميرها وأعاظم رجاله. فأين كانت النهضة الوطنية وقتها ... أم حسبنا أن ما قام به أولئك العصاة يعد في عرف الشرع والقانون نهضة وطنية ... حاشا لله.
ثانيا:
إن الجمعيات العلمية التي ذكرتم عنها أنها كانت تنعقد منذ عشرة أعوام، فإنها كانت مركبة من بعض تلامذة المدارس وبعض الأساتذة، ولم يكن فيها غير إلقاء خطب أدبية ومحاورات علمية، وكانت قوانينها تحرم عليهم الخوض في الديانة والسياسة، فلما كثرت المدارس والمكاتب اشتغلت أرباب تلك الجمعيات بالدروس ومراجعة كتب المدرسة عن تلك الاجتماعات، وأما الأحزاب السياسية والكتاب والخطباء السياسيون الذين قلتم بوجودهم فإنهم لم يكن لهم حقيقة في مصر لا منذ عشر سنين ولا أكثر من ذلك؛ لأننا ما سمعنا أبدا لغاية الآن بوجود أحزاب سياسية أو خطباء سياسيين في ديارنا حتى ولا وجود كتاب سياسيين، اللهم إلا في هذه السنين الأخيرة، وهم أصحاب الجرائد اليومية مثل عزتكم.
ثالثا:
إن القول في صدر المقالة بوجود نهضة وطنية عقب الاحتلال يناقضه القول بعد ذلك بأنه كان في مصر منذ عشر سنين كتاب وخطباء ينبهون الهمم ويحيون العواطف؛ لأن هذه الجملة تدل على وجود سبات في الهمم وموت في العواطف منذ عشر سنين، وهي تنافي القول الأول بوجود النهضة الوطنية عقب الاحتلال؛ أي منذ عشرين سنة كما لا يخفى ... وعلى كل حال فالمثبوت أمامنا أن حياة الهمم والعواطف ابتدأت تنتشر في مصر في هذه السنين بإيجاد المدارس العلمية والصناعية، والجمعيات الخيرية، كالجمعية الإسلامية وجمعية التوفيق القبطية وجمعية العروة الوثقى وجمعية المساعي الخيرية المشكورة وجمعية المحلة الكبرى وجمعية اللقطاء وغيرها، وبظهور الرجال العظام، مثل منشاوي باشا وسيد أحمد بك زعزوع وجورجي بك وغيرهم. فهذه هي النهضة الوطنية الحقة التي تقوم بحاجيات البلاد والتي يؤمل منها إحياء شعور الأمة ونقلها من ظلمات الجهل إلى نور المعرفة.
رابعا:
Halaman tidak diketahui