الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

Wahbah al-Zuhayli d. 1436 AH
90

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

Penerbit

دار الفكر-سوريَّة

Nombor Edisi

الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)

Lokasi Penerbit

دمشق

Genre-genre

بالدين إذ يصير سيَّالًا لاينضبط، وكترك ماهو معلوم إلى ماليس بمعلوم، للجهل بأحكام المذاهب الأخرى، وكانخرام قانون السياسة الشرعية (١) بترك انضباط معيار العدالة بين الناس وشيوع الفوضى والمظالم وضياع الحقوق وتعطيل الحدود واجتراء أهل الفساد، وكإفضاء ذلك إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم، وغير ذلك من المفاسد التي يكثر تعدادها. رابعها - التخلص من الأحكام الشرعية وإسقاطها جملة، عملًا بمبدأ الأخذ بأخف القولين، لابأثقلهما، مع أن التكاليف كلها شاقة ثقيلة. ثم رد الشاطبي على القائل بجواز تتبع الرخص في حالات للضرورة أو الحاجة عملًا بالقاعدة الشرعية (الضرورات تبيح المحظورات) بأن حاصل فعله هو الأخذ بما يوافق الهوى، أو تجاوز حدود الضرورة أو الحاجة المقررة في الشرع. كما أنه رد على المتمسك بمبدأ (مراعاة الخلاف بين الأقوال) لتسويغ الأخذ بالأيسر بأن مراعاة الخلاف لايترتب عليه الجمع بين قولين متنافيين أو القول بهما معًا، وإنما هما لمسألتين مختلفتين. وفي تقديري أن السبب الذي حمل الشاطبي على منع تتبع الرخص والتلفيق هو غيرته على نظام الأحكام الشرعية حتى لايتخطاها أحد عملًا بمبدأ التيسير على الناس،،ولكنه - كما يلاحظ من كلامه - متأثر بالعصبية المذهبية، ويخشى - رغم تحرره الفكري - مخالفة مذهب الإمام مالك، ويحرص على التقليد ومنع الاجتهاد. ونحن معه في هذه الغيرة على أحكام الشريعة، لكن التقليد أو التلفيق الجائز مجاله محصور فيما لم يتضمن الإعراض عما أنزل الله، أو الذي لم يتضح فيه

(١) وهي الطرق العادلة التي تخرج الحق من الظالم وتدفع كثيرًا من المظالم. وإهمالها يضيع الحقوق، ويعطل الحدود، ويجرِّئ أهل الفساد. ويندرج فيها كل ماشرع لسياسة الناس وزجر المعتدين.

1 / 105