Islam dan Tamadun Manusia
الإسلام والحضارة الإنسانية
Genre-genre
ولكن لا بد من هذه النزعة في بعض النفوس، وإلا قصرنا عن الشأو الأعلى في مطالب الروح، وفقدنا ثمرة «التخصص» أو ثمرة «القصد الحيوي» الذي ينظم لنا ثروة الأرواح وثروة العقول وثروة الأبدان.
فنحن لا نفند الحقيقة التي بسطها الأستاذ القصيمي في كتابه الجريء على الباطل.
ولكننا نقابل حقيقته بالحقيقة التي توازنها وتتمم لها موازينها، ونقول: إن الإفراط في العناية الروحية كالإفراط في العناية الجسدية بلاء إذا عم جميع الناس، ولكن البلاء الذي هو أعظم منه وأقسى على الناس جميعا أن يبطل فيهم «الاختصاص» ولو كان الإفراط من مستلزماته؛ لأن «الإنسانية» كلها تستفيد من زيادة ملكاتها، وهي لا تزيد إلا بنقص في بعض الآحاد المعدودين.
الفصل الخامس
دور من أدوار التاريخ في الكتابة عن الأندلس الإسلامية1
أعجب من زوال دولة الإسلام في الأندلس بقاء آثارها سارية حتى اليوم في كل ناحية من نواحي الحضارة الأوروبية، ويكفي أن نذكر من آثارها قيام دعوة الإنسانيين منذ القرن الثاني عشر للميلاد، ثم قيام دعوة النهضة ودعوة الإصلاح الديني وما يليها من الثورات الاجتماعية والسياسية، لنعلم بعد هذا الإجمال السريع أن آثار الإسلام في الأندلس قد أحاط بأصول كل حركة من حركات الثقافة الغربية الحديثة.
وقد كان للمؤرخين الأوروبيين مواقف مختلفة، متناقضة، في تقدير تلك الآثار بين الإنكار والاعتراف، وبين التهوين والإكبار.
كان موقف العداء والمحاربة أسبق تلك المواقف في عصر «التعصب الديني» من بقايا القرون الوسطى. فكان القائمون على ثقافة الغرب يتبعون خطة «الإخفاء والطمس» لمصادرة العلوم الإسلامية، ويتعمدون مطاردتها وإبعادها، وإن شهدوا بفضلها واعترفوا بمحاسنها؛ لأنها مصدر قوة للإسلام وآية من آيات «سحره» الذي يجتذب إليه قلوب المتعلمين من غير المسلمين.
ومضت القرون الوسطى ببقاياها فجاء بعدها عصر الكشف والتنقيب عن المجهولات في كل باب من أبواب المعرفة الإنسانية. فانكشفت في هذا العصر مفاخر الحضارة الإسلامية في الشرق والغرب، وكان للحضارة الأندلسية نصيبها الأوفر من عناية القوم لاتصالها بمواطنهم في صميم القارة الأوروبية، وهنا تفرقت مواقف المؤرخين والنقاد من الغربيين مع تفرق المقاصد والمصالح أو تفرق النظرات والآراء.
فمنهم من كان ينظر إلى موضوعه من خلال النزاع بين الكنيسة والمنشقين عليها، فينتصر لمن حرمتهم الكنيسة واضطهدتهم، وفي مقدمتهم أحرار الفكر المتأثرون بالثقافة الإسلامية، ولا بد - مع الدفاع عن هؤلاء - من الدفاع عن فلاسفة الإسلام وعلمائه وقادة الفكر والمعرفة في بلاده.
Halaman tidak diketahui