Islam sebagai Rakan
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Genre-genre
ولد ثاني الخلفاء الراشدين عمر الأول (عمر بن الخطاب بن نوفل، الملقب بالفاروق عمر، أي الذي يفصل بين الحق والباطل) حوالي سنة 590 ميلادية في مكة، ودخل في الإسلام حوالي سنة 618م، وهاجر مع الرسول، عليه الصلاة والسلام، وأصحابه سنة 622م إلى المدينة حيث أسست الدولة الإسلامية الأولى. كان عمر، رضي الله عنه، أقرب الصحابة إلى النبي، عليه السلام، وإلى أول خلفائه أبي بكر الصديق الذي توفي سنة 634م، فتولى عمر الخلافة من بعده، وخلال السنوات العشر التي قضاها في الحكم فتحت جيوش المسلمين مناطق واسعة من الدولتين المجاورتين، وهما الدولة البيزنطية والدولة الفارسية، وبذلك وضع حجر الأساس للدولة الإسلامية العالمية. وقد سقطت دمشق، التي احتلت لأول مرة سنة 635م لفترة قصيرة، بعد الانتصار الحاسم على البيزنطيين في معركة اليرموك سقوطا نهائيا في يد المسلمين بعد ذلك بسنة واحدة. ومع احتلال القدس وأنطاكية تم فتح سوريا في سنة 638م، وفي أثناء ذلك مهد الانتصار على الفرس في القادسية لفتح بلاد الرافدين، ثم تم فتح بلاد فارس بعد معركة نهاوند حوالي سنة 640م، وفي سنة 639م دخل أحد جيوش المسلمين مصر البيزنطية، وتم الاستيلاء على الإسكندرية سنة 642م، وعلى طرابلس الليبية سنة 643م. ترك عمر إدارة هذه المعارك لقواده، بينما أمسك بيده مقاليد السلطة المركزية وطبع شخصيته الحازمة على الدولة الإسلامية بأسرها. وفي سنة 644م قتل عمر لأسباب غير معروفة بيد عبد مسيحي، وانتقلت الخلافة بعده إلى عثمان بن عفان.
تتعرض الديانات والدول لامتحان قاس عندما يموت مؤسسوها الأوائل. وقد قامت السلطة التي بلغ بها النبي محمد رسالته واتخذ قراراته الحاسمة على الوحي الإلهي، ولذلك كانت بالنسبة للمؤمنين بالإسلام سلطة مطلقة ومؤكدة، ولم يكن لأحد من الخلفاء الراشدين أن يزعم لنفسه سلطة تقاربها أو تقارن بها، وذلك لأن الوحي الإلهي نفسه قد وصفه بأنه
خاتم النبيين :
ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما (سورة الأحزاب: 40).
ما الذي كان يمكن أن تستند إليه الجماعة الإسلامية بعد انتقال الرسول إلى الرفيق الأعلى؟ كان الوحي الذي أنزل على محمد، وهو القرآن الكريم، موجودا بطبيعة الحال، ولكنه لم يكن قد دون بعد، كما كان يحتاج إلى التفسير والتطبيق على المشكلات المتجددة للحياة اليومية. لقد تضمن تعاليم عامة جدا لهداية الجماعة وتنظيمها. ولكن الجماعة، كوحدة اجتماعية وسياسية، كانت منذ البداية عنصرا أساسيا من عناصر الدين الإسلامي. لقد نشأت المسيحية قبل ذلك بستة قرون ونمت في إطار النظام السياسي العلماني للدولة الرومانية التي كانت تفسح المجال لديانات مختلفة ولا تشترط عليها إلا أن تعطي لقيصر ما لقيصر. أما في البنية الاجتماعية لبلاد العرب فقد بقيت العوامل الدينية والسياسية متداخلة ومتشابكة بحيث لا يمكن الفصل بينها. وهكذا أتيحت لمحمد الفرصة واقتضت الضرورة أيضا أن يجعل من الإسلام نظاما دينيا وسياسيا متكاملا. وقد تحقق له هذا عن طريق الارتفاع بالإسلام والجماعة الإسلامية «فوق» الوحدات القائمة في بيئته، أي فوق القبائل العربية. كانت الجماعة هي التجسيد الأرضي للدين. وكانت أي محاولة للفصل بينهما - على أساس نظرية الدولتين مثلا - أمرا مستحيلا. فقد كان حل الجماعة معناه القضاء على الدين.
وكان أخطر الأمور التي واجهت المسلمين أن محمدا، عليه السلام، لم يترك وراءه خليفة ولا تعليمات بكيفية تحديد خليفة بعده. وكان على الجماعة أن تتولى هذه المهمة بنفسها. وكان من الطبيعي أن يرجع المسلمون إلى الإجراء الذي كانت تتبعه القبائل العربية لاختيار رئيس القبيلة؛ أي إلى اختيار الرجال الأحرار من أبناء القبيلة. ولم تكن جميع الأصوات بطبيعة الحال ذات وزن واحد، فنتيجة الانتخاب كانت تعكس التفاوت في نفوذ الناخبين.
تبين بعد وفاة الرسول، عليه الصلاة والسلام، في سنة 632م أن الجماعة الإسلامية منقسمة إلى أحزاب مختلفة . وكان أحد هذه الأحزاب يتكون من «المهاجرين»، أي من المسلمين الأوائل الذين آمنوا بالرسول والتفوا حوله في مكة، ثم هاجروا معه إلى المدينة في سنة 622م حيث أسس هناك أول دولة إسلامية. وكان الحزب الثاني يتألف من «الأنصار»، وهم من قبائل المدينة الذين شاركوا في وضع الأسس الأولى للدولة. ثم ظهر، في البداية على الأقل، حزب ثالث من بني هاشم، أي من أقرب أقارب الرسول، سواء منهم من هاجر معه أو من لم يهاجر. كان مرشحهم هو علي، ابن عم الرسول الذي كان بغير شك يتمتع بقدر عظيم من الهيبة والاحترام، ولكن يبدو أن نفوذ الهاشميين في ذلك الوقت لم يكن كافيا لإشراكه في المنافسة بشكل جدي. وأعلن الأنصار، الذين آزروا النبي على مدى عشر سنوات، عن رغبتهم في أن يكون واحد منهم هو خليفته. غير أنهم عجزوا عن تحقيق هذه الرغبة، لا سيما وأنهم لم يستطيعوا التغلب على الخلافات القبلية التي كانت لا تزال محتدمة بينهم. وهكذا انحصر مجال الاختيار بين زعيمي المهاجرين، وهما أبو بكر وعمر. وتنازل عمر لأبي بكر الذي يكبره في السن، فبايعه المسلمون أول خليفة لرسول الله. ولما توفى أبو بكر بعد ذلك بسنتين، تولى عمر بن الخطاب الخلافة دون أي صعوبة تذكر.
2
وصفت أجيال المسلمين اللاحقة أبا بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب بالخلفاء الراشدين، واعتبر بعض المتشددين أن هؤلاء الأربعة هم الخلفاء الحقيقيون وكل من عداهم ممن جاء بعدهم مجرد ملوك دنيويين. ولكن حتى عثمان وعلي بن أبي طالب كانا، في أثناء حياتهما، موضع خلاف بين أنصارهما والخارجين عليهما، ولهذا يحتل أبو بكر وعمر في الوعي التاريخي للمسلمين مكانة فريدة، بل إن عمر يتفوق على سلفه بكثير، ربما بسبب طول فترة حكمه التي امتدت عشر سنوات وثبتت فيها دعائم الدولة الإسلامية العالمية. وتزخر مؤلفات المؤرخين المسلمين، بل كذلك كتب علوم الدين والشريعة والأدب، بأخبار مستفيضة عن أعماله وأقواله وقراراته الحازمة.
ومع ذلك فليس من السهل تكوين صورة عن عمر يمكن أن تصمد أمام الشروط التي يتطلبها المؤرخ النقدي الحديث. فلم تكن الأخبار التاريخية عند الرواة المسلمين الأوائل غاية في ذاتها، بل انحصرت قيمتها في تكوين صورة تاريخية دالة ومتسقة مع معتقداتهم وتوقعاتهم، أو صورة تتوافق فيها الوقائع مع هذه المعتقدات والتوقعات. لذلك كان قدر كبير من الأخبار والمعلومات التي وصلتنا عن عمر نوعا من «حكايات الخوارق» أو الروايات التي تروى عن الأبطال والعظماء وتهدف لاستخلاص العبرة والموعظة منها. أضف إلى ذلك أن الكثير من تلك الأخبار لا يخرج عن كونه مجرد تهيؤات أو تخيلات تشريعية تلبي حاجة المسلمين إلى معايير يقينية يهتدون بها في سلوكهم. لقد كانوا يستندون عن طيب خاطر للنموذج والقدوة العالية للخليفة العظيم، وذلك في الأحوال التي يصعب عليهم فيها أن يجدوا نصا واضحا في الكتاب الكريم أو في السنة المشرفة. بل إننا لنكتشف في بعض الحالات أن القاعدة أو التنظيم الذي ينسب إلى عمر (رضي الله عنه) ليس سوى نوع من التنظيم المنهجي ومن التثبيت أو التأكيد لممارسة عملية ظهرت وتطورت في عصر لاحق، وإن كان عمر هو الذي وضع أسسها الأولى، بذلك، أدى هذا «الحجاب» المنسوج من الحكايات الخارقة والتخيلات التشريعية إلى حجب الصورة «الحقيقية» لعمر وجعل الوصول إليها أمرا بالغ الصعوبة. ومع ذلك فلا شك في أن الصورة التي كونها المسلمون عنه صورة شديدة التأثير ومن ثم على قدر كبير من الواقعية.
Halaman tidak diketahui