272

التعريف بالإسلام

التعريف بالإسلام

Genre-genre

وفاة الرسول ﷺ
ألمّ المرض بالرسول ﷺ بعد عودته من حجة الوداع بحوالي ثلاثة أشهر، وكان بدء شكواه في بيت ميمونة أم المؤمنين، وصح في البخاري أيضًا أن شكواه ابتدأت منذ العام السابع عقب فتح خيبر بعد أن تناول قطعة من شاة مسمومة قدمتها له زوجة سلام بن مشكم اليهودية، رغم أنه لفظها ولم يبتلعها لكن السم أثر عليه. وقد طلب ﷺ من زوجاته أن يمرّض في بيت عائشة أم المؤمنين، فكانت تقرأ المعوذتين وتمسح عليه بيده هو ﷺ لبركتها.
ولما أثقله المرض ومنعه من الخروج للصلاة بالناس قال: (مروا أبا بكر فليصل بالناس، وراجعته السيدة عائشة ﵂، لئلا يتشاءم الناس بأبيها، فقالت: إن أبا بكر رجل رقيق ضعيف الصوت كثير البكاء إذا قرأ القرآن. فأصرّ على ذلك، فمضى أبو بكر يصلي بهم) رواه ابن كثير في البداية والنهاية.
وخرج النبي ﷺ يتوكأ على العباس وعليّ، فصلّى بالناس وخطبهم، وأثنى في خطابه على أبي بكر ﵁ وبين فضله، وأشار إلى تخيير الله له بين الدنيا والآخرة واختياره الآخرة، قال: (إن عبدًا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة، ففطن أبو بكر إلى أنه يقصد نفسه فبكى، وتعجب الناس منه إذ لم يدركوا ما فطن له) رواه أحمد.
وعندما حضره الموت كان مستندًا إلى صدر عائشة وكان يدخل يده في إناء الماء فيمسح وجهه -من شدة الحمى- ويقول: (لا إله إلا الله، إن للموت سكرات) رواه البخاري. وأخذته ﷺ بحة وهو يقول: (مع الذين أنعم الله عليهم)، ويقول: (اللهم في الرفيق الأعلى، فعرفت عائشة أنه يُخير وأنه يختار الرفيق الأعلى) رواه البخاري.
ودخلت عليه فاطمة فقالت: واكرب أباه، فقال لها: (ليس على أبيك كرب بعد اليوم)، ودعاها (فأسرّ إليها بشيء فبكت، ثم دعاها فأسرّ إليها بشيء فضحكت) . رواه البخاري. وأخبرت ﵂ -بعد وفاته- أنه ﷺ أخبرها أنه يموت فبكت، وأخبرها بأنها أول أهله لحوقًا به فضحكت.
وقبض ﷺ حين اشتد الضحى -ورأسه في حجر عائشة- في يوم الاثنين، في الثاني عشر من ربيع الأول من العام الحادي عشر للهجرة، ودخل أبو بكر ﵁، وكان غائبًا في السنح، فكشف عن وجه النبي ﷺ، وأخذ يقبله، وخرج إلى الناس، وهم بين منكر ومصدق من هول الموقف، فقال: أما بعد من كان منكم يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حيٌّ لايموت، قال الله تعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئًا، وسيجزي الله الشاكرين)، فسكن الناس وجلس عمر ﵁ على الأرض لا تحمله قدماه، وكأنهم لم يسمعوا الآية إلا تلك الساعة (رواه البخاري) .
وبكت فاطمة ﵂ أباها ﷺ، وهي تقول:
يا أبتاه أجاب ربا دعاه.
يا أبتاه من جنة الفردوس مأواه.
يا أبتاه إلى جبريل ننعاه.
وانتهت حياة الرسول ﷺ ولم تنته رسالته، فهي خالدة إلى يوم الدين، ولم تنقطع أمته فالخير فيها إلى يوم يبعثون، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الصادق الوعد الأمين، والحمد الله رب العالمين.

1 / 272