Pembaikan Masjid
إصلاح المساجد
Penerbit
المكتب الإسلامي
Nombor Edisi
الطبقة الخامسة ١٤٠٣هـ
Tahun Penerbitan
١٩٨٣م
Genre-genre
Fikah
كان الخطيب إذا قام لأمر ما سحر الألباب وملك بمرصعات المواعظ ما لا يملك بمرهفات السيوف والرماح. يؤلف بين من تفرق، ويسكن الفتن ويزيل المخاصمات ويقطع المنازعات، يقيمهم إن شاء ويقعدهم إن أراد بقوة اقتداره وشدة تأثيره. ثم قال:
"متى حدث الانحطاط في الخطب؟ " إن الخطابة قبل كانت بيد الخلفاء الراشدين والرؤساء العظام وكانت موضع احتراس. كان يخطب الخطيب قائمًا "إلا خطبة النكاح" آخذا بيده عصا أو مخصرة أو قناة أو غير ذلك. فلما جاءت الدولة المروانية واستولى الترف وعم، وتولى كرسي المملكة الوليد بن عبد الملك بن مروان بدأ يخطب -واأسفاه- جالسًا ترفعًا منه واستهانة بهذا الموقف الجليل. ومن هذا أخذت الخطابة في الاضمحلال والتلاشي فكان آخر خطيب أجاد من أئمة الإسلام المأمون بن هارون الرشيد من خلفاء الدولة العباسية، وترك الملوك الخطابة ووكلوا أمرها كغيرها من الأمور لغيرهم فصارت منحطة القدر بعد الرفعة وموضع الاستهانة بعد التجلة تولاها أناس ما قدروها حق قدرها وما دروا المقصود منها بجهالاتهم المطبقة حتى إنك لو خاطبت أحدهم عن الخطبة المتبعة وتغييرها بما يستدعيه الزمان ما أجابك إلا بقوله: لا يمكن للنفوس الآن أن تتزحزح عن غيها، وأن الخطب الآن هي من قبيل الرسوم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. فأنت ترى اليوم ببغاء كل منبر ينفث سموم الإماتة والتدمير والإقعاد عن العمل متمسكًا بمثل قوله ﵀: "لمن تقتني الدنيا وأنت تموت، ولمن تبتني العلياء والمقابر بيوت ... إلخ" مما أمات الأمة غافلًا عن قول سيد الزاهدين: "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدًا"١ ثم قال:
"شرط الخطيب" يشترك في الخطيب أن يكون "عالما بالعقائد الصحيحة" حتى لا يزيغ ويؤذي الناس بسوء عقيدته في درك ظلمات الضلال فتسوء العقبى
_________
١ لا أصل له، كما بينته في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" "٨".
1 / 68