Ishtiqaq
كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة
Genre-genre
شكا إلى جملى طول السرى وأما زجر الطير فإن الزاجر يستدل بما يرى من الزجر على الخير والشر من الطيرة وغيرها مما يكون من باب الفال والزجر ، فيكون له بمنزلة الوحي ، ويسمونه وحيا وكل شيء عبر عن شيء ، ودل عليه / فقد كلمك، وأخبرك ، وأجابك، وأوحى 85 أإليك ، وإن لم تكن دلالته إياك كلاما باللسان ، إنما هو وحي وإشارة من الدليل على المدلول ، واعتبار من الناظر ، واستدلال منه على حقيقة المدلول عليه ، كما يستدل بالكلام على مراد المتكلم ، فهذا ما جاء في الوحي ، وأصله كله الإلهام بهذه الأسباب ، دون التصريح بالكلام ، وسئل بعض العلماء عن الوحي ، فقال : قذف في القلوب ، وقرع في الأسماع ، وحركة كحركة السلسلة ، وروت عائشة أن الحارث ابن هشام (¬1) سأل رسول الله عن الوحي ، فقال له : كيف يأتيك الوحي ، فقال عليه السلام : ( أحيانا يأتيني في مثل صلصلة الجرس ، وهو أشد علي ، فينفصم عني وقد وعيت ، وأحيانا يتمثل في الملك ، فيكلمني ، فأعي ما يقول) (¬2) ، وقالت عائشة : ( لقد رأيته ينزل عليه في اليوم الشديد البرد ، فينفصم عنه ، وإن جبينه ليرفض عرقا ) (¬3) 0 التنزيل : والتنزيل اسم من أسماء القرآن ، يقال : تنزيل ، كما يقال : قرآن ، وهو مأخوذ من قول الله تعالى: [ الله نزل أحسن الحديث] (¬1) ، وقال : [ ونزلناه تنزيلا ] (¬2) فهو / مشتق من نزل ، وأصله الانحدار من موضع رفيع ، والانحطاط منه ، 85ب ويدل على أن الله نزله من عنده ، والله لا يوصف بالفوق والتحت ، ولكن على حسب ما وصف به نفسه في قوله : [استوى إلى السماء] (¬3) ، وقوله : [ يدبر الأمر من السماء] (¬4) ، والقرآن يدل على أن مسكن الملائكة في السماء ، قال الله : [لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا] (¬5) ، فهذا معنى التنزيل 0 المثاني : وسماه الله مثاني في قوله : [كتابا متشابها مثاني] (¬1) وإنما سمي مثاني لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه ، وقال آخرون : المثاني مشتقة من ذلك ، ثنيت الشيء إذا كررته ، وقال أبو عبيدة في قوله : [سبعا من المثاني] (¬2) مجازها سبع آيات من المثاني ، والمثاني هي الآيات ، فكأن معناها آتيناك سبع آيات من القرآن مثاني ؛ لأنه يتلو بعضها بعضا ، ثنيت الآخيرة على الأولى ، والمقاطع تفصل الآية بعد الآية ، حتى تنقضي السورة ، وهي كذا وكذا آية (¬3) ، وقيل : إنها فاتحة الكتاب ، سميت مثاني لأنها تثنى في كل ركعة ، قرئ في قوله [آتيناك سبعا من المثاني والقرآن ] (¬4) فنصب القرآن على الإعمال (¬5) ، كأنه قال : وآتيناك القرآن العظيم ، آتيناك الكتاب / وآتيناك سائر القرآن أيضا مع أم الكتاب ، ومن قرأ86أ بجر القرآن العظيم قوله : من المثاني ومن القرآن سبع آيات من المثاني ، وروي عن النبي عليه السلام ، وقرئ عليه فاتحة الكتاب ، فقال : ( والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة والإنجيل ، ولا في الزبور والقرآن مثلها ، إنها للسبع المثاني ، والقرآن الذي أوتيت ) (¬6) 0
Halaman 193