Ishtiqaq
كتاب معرفة اشتقاق أسماء نطق بها القرآن وجاءت بها السنن والأخبار وتأويل ألفاظ مستعملة
Genre-genre
وغلام أرسلته أمه بألوك فبذلنا ما سأل وكل الأنبياء عليهم السلام قد بعثهم الله إلى خلقه بالرسالات ، فمنهم أنبياء مرسلون ، وأنبياء غير مرسلين ، فالذي هو ليس بمرسل هو الذي ليس له أن يحل ويحرم ، بل يقتدي بمن تقدمه من الأنبياء في شرائعهم ، والنبي المرسل هو الذي قد أطلق الله له أن يحل ويحرم ، كما أطلق لمحمد عليه السلام ، ولغيره من النبيين المرسلين ، مثل عيسى وموسى وغيرهم أن ينسخوا ما شاءوا ، ويحلوا ويحرموا ، /وكل ذلك يفعلونه بأمر الله تعالى ، فالرسول والمرسل أفضل72ب من النبي الذي هو غير مرسل بدرجة ، ويكون من الرسالة ، قال الله تعالى : [فقولا إنا رسولا ربك ] (¬1) 0 البشير والنذير : قال الله في صفة نبيه محمد عليه السلام : [إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا ] (¬1) ، ووصف الأنبياء وسماهم مبشرين ومنذرين ، أي أنهم كانوا يبشرون بالجنة ، وينذرون بالنار ، قال الله تعالى : [وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ] (¬2) وقال : [فأنذرتكم نارا تلظى] (¬3) والمبشر والبشير مأخوذ من البشرى ، والبشرى هو الخبر السار ، وإنما قيل له بشرى لأنه أخذ من البشارة ، وهو الجمال والنضرة ، يقال : بشر الله وجهه ، ورجل بشير الوجه ، أي حسنه ومضيئة ، فالمبشر والبشير أخذ من ذلك ؛ لأنه يبشر بالخير ، فيفرح به الإنسان ؛ فكأنه سمي مبشرا وبشيرا لأنه علم من أمور الآخرة ، وما أعد الله لأوليائه من الكرامة في الجنة بما لم يفعله المؤمنون ، فيبشرهم به ، فصار بمنزلة البشير ، الذي يتقدم القوم لطلب الماء والكلأ ، فإذا صادف ذلك ، علا نشزا من الأرض (¬4) ، وأشار بثوبه ليروه أصحابه ، فيستبشرون / أي يفرحون وتنضر وجوههم من الفرح ، 73 أوالنذير والمنذر الذي ينذر بالنار ، وينذر معناه يحذر ويتقدم في تحذيرهم ، قبل أن يقعوا فيه ، ويبصرهم ما خفي عليهم من ذلك ، وقيل في تفسير قوله : [وجاءكم النذير ] (¬5) أي الشيب نذيرا ، ينذر بالموت ، أو الهرم ، وقد جاء في البشير بالعذاب ، ولم يجئ في النذير بالجنة ، قال الله تعالى : [فبشرهم بعذاب] (¬6) ليست هاهنا بشرى ولكنه على طريق الوعيد ، كما يقال : أبشر بالذل ، وأبشر بالخزي 0 الخليل : قال الله تعالى : [واتخذ الله إبراهيم خليلا] (¬1) ، والخليل في كلام العرب على معان ، يقال : الخليل الصاحب ، ويقال : الخليل الصديق ، ويقال : خليل بين الخلة بضم الخاء ، وهي الصداقة ، والخلان الندماء والأصحاب ، واحدهم خليل ، والخليل الفقير ، والخلة بفتح الخاء الفقر ، والخلل الماء يجري بين الشجر ، وتخلل القوم إذا دخل بينهم ، وتوسطهم ، وقال بعض أهل العلم : [واتخذ الله إبراهيم خليلا] (¬2) أي أفقره إليه ، قال : وهو معنى قوله لنبيه ، [وتبتل إليه تبتيلا] (¬3) أي انقطع إليه عن الخلائق ، ولا تتصل بأحد من المخلوقين ملتجئا إليه ، بل تكون ملتجئا إلى الله ، فكأن إبراهيم خليل الله لانقطاعه إليه ، وتسليمه إليه ، فكذلك نبينا محمد عليه السلام ، كان متبتلا إليه ، مسلما له 0
Halaman 170