313

Isharat

الإشارات الإلهية إلي المباحث الأصولية

Editor

محمد حسن محمد حسن إسماعيل

Penerbit

دار الكتب العلمية

Edisi

الأولى

Tahun Penerbitan

١٤٢٦ هـ - ٢٠٠٥ م

Lokasi Penerbit

بيروت - لبنان

Genre-genre

بقوله-﷿: ﴿فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ﴾ (٣٥) [محمد: ٣٥] غير أن لقائل أن يقول: معية أبي بكر [رضوان الله عنه] أخص من هذه، فيمتاز بها.
الوجه الثالث: ﴿ثانِيَ اِثْنَيْنِ﴾ [التوبة: ٤٠] قالوا: فيه إشارة إلى شيئين:
أحدهما: أنه ثانيه من بعده في الإمرة.
الثاني: أن اسمه لم يفارق اسمه؛ إذ كان يقال له: خليفة رسول الله، حتى توفي، فقيل لمن بعده-وهو عمر-﵁: أمير المؤمنين، وانقطعت خصيصة ﴿ثانِيَ اِثْنَيْنِ﴾ [التوبة: ٤٠].
الوجه الرابع: ﴿فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ٤٠] قال بعضهم: الضمير في (عليه) لأبي بكر، لأن النبي ﷺ لم تفارقه السكينة أبدا حتى يحتاج إلى نزولها عليه، وإنما أنزلت على أبي بكر-﵁-وهو ضعيف، أما أولا فلقوله-﷿:
﴿إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا﴾ (٢٦) [الفتح: ٢٦] فقد أنزلت عليه ﷺ السكينة مع ما ذكروه من عدم مفارقتها له، ولا امتناع من أن يزاد سكينة على سكينة، ونورا على نور، وأما ثانيا:
فلأن ذلك يقتضي أن الضمير في ﴿وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها﴾ [التوبة: ٤٠] لأبي بكر أيضا، وهو خلاف الظاهر/ [٢١٤/ل] بل القاطع، ولا أظن أحدا قال بذلك.
أما الشيعة فطعنوا على أبي بكر-﵁-من الآية بوجه واحد، وهو قوله:
﴿لا تَحْزَنْ﴾ [التوبة: ٤٠] دل على أنه حزن لأجل طلب الكفار لهما مع أنه رسول الله ﷺ بعين الله تحت رعاية الله، وقد سمع النبي ﷺ يخبر بأنه سيظهر على أعدائه ويظهر دينه على جميع الأديان؛ فحزن أبي بكر والحالة هذه، إما شك في هذا الخبر، أو ضعف منه وخور.
قالوا: وإنما الشجاع المؤمن واللبيب الموقن علي بن أبي طالب-﵁ حيث كان حينئذ نائما على فراش النبي ﷺ/ [١٠٠ أ/م] معرضا نفسه من أيدي الكفار لشرب كؤوس الحمام، فما شك وما خار، ولا تبلد ذهنه ولا حار.
وأجاب أهل السّنّة بأن حزن أبي بكر-﵁-لم يكن ضعفا ولا شكا، وإنما

1 / 315