مقدّمات التّحقيق
بسم الله الرّحمن الرّحيم
١ - بين يدي الكتاب
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، به أبتدىء وعليه أتوكل. . .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مقر بربوبيته، ومعترف بألوهيته، وناف لأن يكون له شريك في ذاته، أو صفاته، أو أفعاله. . .
وأشهد أن محمدا ﷺ عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بعثه الله بالدين القويم، والمنهج المستقيم، ليكون للعالمين رحمة وإماما وحجة، وفرض عليهم طاعته واتباعه ومحبته، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره، أو ابتعد عن نهجه.
بمتابعته ﷺ يكون الفلاح والنصر، وتحصل السعادة والطمأنينة، وبمخالفته ﷺ يكون الشقاء والذل، ويعيش الإنسان حياة التعاسة والهمل. . .
فصلى الله عليه وعلى آله وأزواجه وأصحابه وسلم تسليما كثيرا كثيرا، ما ذكره الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون، وبعد:
فأخلق بسيرة المصطفى ﷺ وأنعم بها أن تكون كتابا يقرؤه القارئون، ويتذاكره المتذاكرون؛ كيف لا، وهو ﷺ القدوة الكاملة، والأسوة الحسنة لكل من كان يرجو الله واليوم الآخر، وذكر الله كثيرا. بل كيف نقتدي به، ونتأسى بشخصيته ﷺ إذا لم نطلع على سيرته، ونتعرف على فضائله وشمائله، ونتدارس صفاته وأخلاقه.
1 / 5
ومن هنا كان اهتمام علمائنا الأفاضل، ومشايخنا الكرام بجمع السيرة، والتأليف فيها، والكتابة عنها وبكل ما يتصل بها: من حوادث ومغاز، ودلائل وخصائص. . . فدونوا المؤلفات الكثيرة الغزيرة في هذا الشأن، وهي أشهر من أن تذكر، وأوضح من أن تشهر، واختلفت أساليب كتابتهم لهذه السيرة الشريفة:
فمن جامع لحوادثها ومغازيها، ومن مفرد للمغازي فقط، ومنهم من أضاف إلى هذين: الفضائل والشمائل، والدلائل والخصائص، ومنهم من أفرد هذه الأخيرة، ومنهم من جمع كل ذلك بزيادة شيء من سيرة الخلفاء بعده ﷺ. وهذا ما فعله مؤلف هذا الكتاب: الحافظ مغلطاي بن قليج ﵀.
كما تنوعت الكتابة من ناحية أخرى: فمن العلماء من كتبها نثرا، ومنهم من صاغها شعرا، ومنهم من أفردها بمؤلّف مستقل، ومنهم من جعلها في مقدمة كتابه، أو سياق تاريخه، كلهم-﵏، وأجزل لهم المثوبة-يبغي خدمة هذه السيرة، وتقريبها للناس، وأن يتبرك بصاحبها ﷺ. . وبهذه النية أحببت مشاركتهم في ذلك فأقدمت على تحقيق هذا الكتاب في السيرة النبوية، لأظهره بالمظهر اللائق به، ولأخدمه تحقيقا وتخريجا وتعليقا، لينضاف إلى كتب تراثنا الخالد في هذا المجال، فمن هو مؤلف هذا الكتاب؟ وما هي منزلته بين العلماء؟ وما منهج وقيمة كتابه هذا؟.
هذا ما سوف أتكلم عنه في الصفحات القليلة التالية، قبل عرض نص الكتاب، والله أسأل أن يتقبل عملي هذا خالصا لوجهه الكريم، وأن يثيبني ووالديّ ومشائخي خير الثواب، والله من وراء القصد، وهو حسبي ونعم الوكيل، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. .
وكتب أبو عبد الله محمّد نظام الدّين الفتيّح نزيل المدينة المنورة
المدينة المنورة، في الخامس والعشرين من شهر ذي الحجة سنة ١٤١٣ هـ
1 / 6
٢ - مؤلف الكتاب
أ-اسمه ومولده:
هو علاء الدين أبو عبد الله مغلطاي-بضم الميم، وفتح الغين ومنهم من يضمها، ومنهم من يسكنها-ابن قليج-بفتح القاف، ومنهم من يكسرها، وبالجيم آخره، ومنهم من يجعلها حاء مهملة، ومعناه السيف بلغة الأتراك-ابن عبد الله البكجري الحكري. تركي الأصل، مستعرب، مصري النشأة، حنفي المذهب (١).
ولد في جامع قلعة الجبل بالقاهرة، سنة تسع وثمانين وستمائة، ذكروه عن تلميذه العراقي (٢).
وقال ابن رافع: سنة تسعين وستمائة (٣). وضبطه الصفدي: بعد التسعين وستمائة (٤).
ب-مكانته العلمية:
اشتغل الحافظ مغلطاي بالعلم في سن مبكرة، يتبين ذلك من شيوخه الذين أدركهم وأخذ منهم.
_________
(١) انظر في ضبط اسمه: هامش لحظ الألحاظ/١٣٣/، وهامش الأعلام ٧/ ٢٧٥ - ٢٧٦.
(٢) ذيل العبر لأبي زرعة بن العراقي ١/ ٧١، ولحظ الألحاظ/١٣٣/.
(٣) الوفيات ٢/ ٢٤٤.
(٤) الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٢.
1 / 7
كما أن أباه كان يرسله في صباه ليرمي بالنشّاب، فيخالفه ويذهب إلى حلق أهل العلم فيحضرها (١).
وذكر ابن فهد: أن جلّ طلبه كان في العشر الثاني بعد السبعمائة (٢).
كان-﵀-شديد الإقبال على العلم، منكبا على البحث والدرس، أكثر جدا من القراءة بنفسه والسماع، وانتقى وخرّج وأفاد، وكتب الطباق، وكان دائم الاشتغال، منقطعا عن الناس، وصفه الصلاح الصفدي فقال: كان جامد الحركة، كثير المطالعة والدأب والكتابة، وعنده كتب كثيرة جدا، ولم يزل يدأب ويكتب إلى أن مات (٣).
وقال الحافظ: أكثر عن أهل عصره، فبالغ، وحصل من المسموعات ما يطول عدّه (٤).
كما كان نقّادة مولعا في الرد والاستدراك، ساعده على ذلك مكتبة ضخمة، واطلاع واسع، ونظر مستمر في الكتب، فكان حصيلة ذلك مشاركة في فنون عديدة أنتجت أكثر من مائة كتاب كما سوف أوضح عند الحديث عن مؤلفاته وآثاره.
وتقدم أكثر ما تقدم في الحديث، فكان له فيه باع واسع واطلاع كبير ومعرفة بعلومه وطرقه المختلفة بحيث أهّله ذلك لأن يكون شيخ الحديث والمحدثين في الظاهرية وأن يدرس في مدارس عديدة غيرها، وآثاره ومؤلفاته في الحديث خير شاهد على ذلك.
كما برع في اللغة: فقد نال منها حظا واسعا، قال الحافظ: كان كثير
_________
(١) لحظ الألحاظ/١٣٣/.
(٢) المصدر السابق/١٣٤/.
(٣) المصدر السابق/١٤١/، والبداية والنهاية ١٤/ ٢٩٦، والدرر الكامنة ٤/ ٣٥٣.
(٤) لسان الميزان ٦/ ٧٢.
1 / 8
الاستحضار لها، متسع المعرفة فيها (١).
حفظ الفصيح لثعلب، وكفاية المتحفظ لابن الخوييّ، كلاهما في اللغة.
وبلغ درجة عالية، بحيث أصبح له مآخذ على أهل اللغة (٢). وانظر تعليقاته على كتاب الاشتقاق لابن دريد طبعة عبد السلام هارون (٣)، ووضع في اللغة كتابا علقه على «كتاب ليس» لابن خالويه، كما سوف أذكر في مؤلفاته. .
وكان له مشاركة أيضا في الشعر. (انظر كتابه: الواضح المبين فيمن استشهد من المحبين).
وأما الأنساب: فبلغ فيه درجة واسعة، ومعرفة جيدة، حتى فاق أقرانه من العلماء، ففي تدريب الراوي: «سأل شيخ الإسلام ابن حجر شيخه الحافظ أبا الفضل العراقي عن أربعة تعاصروا، أيهم أحفظ: مغلطاي، وابن كثير، وابن رافع، والحسيني؟ فأجاب: أن أوسعهم اطلاعا وأعلمهم بالأنساب مغلطاي، على أغلاط تقع منه في تآليفه. . .» (٤).
وبعد: فلا عجب بعد ذلك أن يصفوا مغلطاي بأنه: حافظ مشهور، وعالم فقيه، وشيخ فاضل، ومصنف مكثر، كما قالوا عنه: بأنه شيخ المحدثين، انتهت إليه رئاسة الحديث في زمانه، قال الحافظ: أخذ عنه عامة من لقيناه من المشايخ (٥).
_________
(١) لسان الميزان ٦/ ٧٤.
(٢) الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٣.
(٣) كان من جملة النسخ التي رجع إليها الأستاذ عبد السلام هارون واعتمدها في تحقيق كتاب الاشتقاق لابن دريد: نسخة الحافظ مغلطاي نفسه، حيث قرأ عليها تملكه لها، وإجازته إلى ابن دريد، وأثبت في حواشيها كثيرا من التعليقات التي تدل على سعة اطلاع الحافظ مغلطاي في الأنساب واللغة والشعر وغير ذلك.
(٤) فهرس الفهارس ١/ ٤٠٤، وانظر حسن المحاضرة ١/ ٣٥٩.
(٥) الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٤، ولسان الميزان ٦/ ٧٢.
1 / 9
ج-شيوخه:
سمع الحافظ مغلطاي جملة من شيوخ عصره، تتلمذ عليهم، وأخذ عنهم في مصر والشام، ذكروا منهم:
١ - ابن دقيق العيد: تاج الدين أبا الحسن أحمد بن علي بن وهب القشيري، وهو أخو الشيخ تقي الدين.
٢ - الوافي: نور الدين أبا الحسن علي بن عمر.
٣ - الدبوسي: فتح الدين يونس بن إبراهيم بن عبد القوي. وقد أكثر عنه جدا كما في لسان الميزان.
٤ - ابن شحنة الحجار: شهاب الدين أبا العباس أحمد بن أبي طالب الصالحي.
٥ - الختني: أبا المحاسن يوسف بن عمر.
٦ - الكردي: الحسن بن عمر.
٧ - ابن الطباخ: محمد بن محمد بن عيسى.
٨ - أحمد بن الشجاع الهاشمي.
٩ - الجلال القزويني. وكان ملازما له.
١٠ - فتح الدين بن سيد الناس. وبه تخرج.
١١ - عبد الرحيم المنشاوي. قال في اللسان: أكثر عنه جدا.
كما ذكروا أنه أخذ عن:
١٢ - الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد المتوفى سنة (٧٠٢) هـ.
١٣ - الحافظ شرف الدين أبي محمد عبد المؤمن الدمياطي المتوفى سنة (٧٠٥) هـ.
١٤ - ابن الصواف نور الدين أبي الحسن علي بن نصر الله القرشي المصري المتوفى (٧١٢) هـ.
لكنهم اعترضوا على أخذه عن هؤلاء الثلاثة الأخيرين متعللين بصغر سنه
1 / 10
آنذاك، فالله أعلم إذا كان هناك دوافع لهذا الكلام أم أنه على حقيقته.
د-تلاميذه:
عاصر الحافظ مغلطاي كثير من التلاميذ النجباء، والعلماء الكبار، والحفّاظ المشهورين حتى قال الحافظ ابن حجر: أخذ عنه عامة من لقيناه من المشايخ: كالعراقي، والبلقيني، والرحوي، وإسماعيل الحنفي وغيرهم. وقال:
وقرأ عليه في الدرس شمس الدين السروجي الحافظ. كما ذكروا من جملة من أخذ عنه: الدميري (١).
هـ-مؤلفاته وآثاره:
تقدم أن الحافظ مغلطاي من المكثرين، وأنه صنف أكثر من مئة كتاب (٢)، تناول فيها مختلف العلوم والفنون: كالحديث والسيرة، والفقه واللغة والجرح والتعديل والمشتبه وغير ذلك، ويظهر أن مؤلفاته انتشرت وطالعها العلماء ونقلوا عنها واستفادوا منها، حتى قالوا عنه: صاحب التصانيف المشهورة (٣).
وإليك بعض ما تيسر لي منها، جمعته من كافة المصادر التي أثبتها، ورتبته على حسب الحروف:
١ - الاتصال في مختلف النسبة: موجود نسخة منه بخطه في مكتبة الكتاني بفاس رقم ٤١٨٣. (الأعلام ٧/ ٢٧٥).
٢ - (الأحكام) فيما اتفق عليه الأئمة الستة. (ذيل العبر لابن العراقي، ولحظ الألحاظ).
٣ - الإشارة إلى سيرة المصطفى ﷺ وتاريخ من بعده من الخلفا كتابنا هذا.
_________
(١) لسان الميزان ٦/ ٧٢ - ٧٣. وانظر هامش الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٣.
(٢) لحظ الألحاظ/٣٦٥ - ٣٦٦/، والدرر الكامنة ٤/ ٣٥٣ عن الشهاب بن رجب.
(٣) ذيل العبر لابن العراقي ١/ ٧٠.
1 / 11
اختصر به كتابه الزهر الباسم (الآتي) وأضاف إليه شيئا من تاريخ الخلفاء، وسوف يأتي الحديث عنه مفصلا بعد هذا الباب.
٤ - إصلاح ابن الصلاح. في علوم الحديث. ذكره السخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ/١٣٩/وقال: قرأته بخطه. وانظر كشف الظنون/١١٦٣/. وقال الحافظ في لسان الميزان ٦/ ٧٢ - ٧٣: وعمل في فن الحديث (إصلاح ابن الصلاح) فيه تعقبات على ابن الصلاح، أكثرها وارد أو ناشىء عن وهم وسوء فهم، وقد تلقّاه عنه أكثر مشائخنا وقلّدوه فيه، لأنه كان انتهت إليه رئاسة الحديث في زمانه.
٥ - الإعلام بسنته ﵇. شرح سنن ابن ماجه في خمس مجلدات، لكنه لم يتمه. قال السيوطي في ذيله على تذكرة الحفاظ/٣٦٦/: وقد شرعت في إتمامه. قلت: يوجد منه (ميكرو فيلم) بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم/٨١٤/. وقال الزركلي ٧/ ٢٧٥: ذكر الميمني نسخة منه في مجلدين بخطه، وهي مسودته، قال: كتبها سنة ٧٣٢ هـ في خزانة فيض الله بإستانبول رقم ٣٦٢.
٦ - أعلام النبوة. ذكره هكذا الدكتور صلاح الدين المنجد في كتابه معجم ما ألف عن رسول الله ﷺ نقلا عن السخاوي. ويؤيده: أن السخاوي ذكر الحافظ مغلطاي من جملة من جمع دلائل النبوة. (الإعلان بالتوبيخ /١٥٦/).
٧ - إكمال تهذيب الكمال. وهو كتاب مشهور ومتداول بين العلماء، ومنه (ميكرو فيلم) بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة رقم ١٩٧، ويقع في ثلاثة عشر أو أربعة عشر مجلدا بقدر الأصل، وقد ذكر هذا الكتاب كل من ترجم للمؤلف وقالوا: إنه استدرك فيه على كتاب تهذيب الكمال في أسماء الرجال للحافظ المزي وأكمله، وضبط كثيرا من الأسماء والأنساب فيه، وأخذ عليه بعض المآخذ عدّها الدكتور بشار عواد في مقدمته لكتاب تهذيب الكمال الذي قام بتحقيقه، وقد كتب كلاما مطولا
1 / 12
عن مغلطاي فارجع إليه إن شئت. هذا وقد استفاد الحافظ من كتاب مغلطاي هذا عند تأليفه لتهذيب التهذيب فقال في المقدمة ١/ ٧: وقد انتفعت في هذا الكتاب المختصر بالكتاب الذي جمعه الإمام العلامة علاء الدين مغلطاي على تهذيب الكمال مع عدم تقليدي له في شيء مما ينقله، وإنما استعنت به في العاجل (١). . قلت: وكما مدحوا كتاب مغلطاي هذا، فقد أخذوا عليه بعض التعصب والوهم.
٨ - أليس إلى كتاب ليس. في اللغة، وكأنه ذيل أو تعليق-كما يدل اسمه- على (كتاب ليس) لابن خالويه. ذكره الحافظ في لسان الميزان، وابن فهد في لحظ الألحاظ.
٩ - أوهام الأطراف. تعقب فيه الحافظ المزي أيضا في تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف. (لسان الميزان وذيل السيوطي على التذكرة). وانظر مقدمة الحافظ لكتابه: النكت الظراف على الأطراف ١/ ٤ - ٥.
١٠ - أوهام التهذيب. في مجلدين، اختصر به إكمال تهذيب الكمال المتقدم، مقتصرا على الاعتراضات التي أخذها على الحافظ المزّي. (الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٣ وغيرها).
١١ - (الإيصال) في اللغة. ذكره هكذا في الأعلام، وقال: المجلد الأول منه كله بخطه، في خزانة الرباط (٣٦١ كتاني).
١٢ - التحفة الجسيمة لإسلام حليمة. (سبل الهدى ١/ ٤٦٦، وإيضاح المكنون /٢٤٥/).
١٣ - ترتيب بيان الوهم لابن القطان. (الدرر الكامنة ولحظ الألحاظ).
١٤ - ترتيب صحيح ابن حبان. على أبواب الفقه. رآه الحافظ بخطه، وقال:
لم يكمل. (انظر لسان الميزان، ولحظ الألحاظ، والنجوم الزاهرة ١١/ ٩).
_________
(١) وانظر مقدمة الحافظ أيضا لكتابه تقريب التهذيب/٧٣/.
1 / 13
١٥ - ترتيب المبهمات على أبواب الفقه. قال الحافظ في الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٤: رأيت منه بخطه. وانظر البدر الطالع ٢/ ٣١٣.
١٦ - ترتيب المبهمات على الروضة في الفروع. هكذا ذكره في كشف الظنون /١٩١٥/. وقد يكون الذي قبله، والله أعلم.
١٧ - التلويح في شرح الجامع الصحيح. هكذا ذكر اسمه في كشف الظنون /٥٤٦/وسموه «بشرح البخاري» في أغلب المصادر، ويقع في عشرين مجلدة. وكان أحد مصادر الحافظ في فتح الباري.
١٨ - الخصائص النبوية. أو خصائص الرسول. أو معجزات الرسول ﷺ.
ذكره الزركلي بالاسم الأول، في خزانة أبي فارس الأدوزي بالسوس، (رسالة). ويوجد منه نسخة في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة بالاسمين الأخيرين رقم/٢٢٩/.
١٩ - دلائل النبوة. ذكره الصالحي في سبل الهدى والرشاد ١/ ٤٢٠ و٢/ ٢٠٢ والسخاوي في (الإعلان بالتوبيخ) ١٥٦. وأظنه هو وأعلام النبوة المتقدم واحدا، والله أعلم.
٢٠ - ذيل على تكملة الإكمال لابن نقطة. في المؤتلف والمختلف (لحظ الألحاظ وذيل العبر للعراقي والدرر الكامنة ومعجم المؤلفين ١٢/ ٣١٣).
٢١ - ذيل على كتاب الضعفاء لابن الجوزي. (لحظ الألحاظ والنجوم الزاهرة وتاج التراجم).
٢٢ - ذيل على تكملة إكمال الإكمال للصابوني. (لحظ الألحاظ والرسالة المستطرفة).
٢٣ - ذيل على ذيل تكملة الإكمال لابن سليم. (المصدران السابقان). وانظر تبصير المنتبه ١/ ٢. قال الحافظ في لسان الميزان ٦/ ٧٢: وذيل على ذيول الإكمال بذيل كبير في مجلدين. قلت: وهذا يدل على أن هذه
1 / 14
الذيول إنما هي كتاب واحد، والله أعلم.
٢٤ - الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم ﷺ. وضعه على السيرة النبوية وشرحها الروض الأنف للسهيلي. انظر ذيل العبر للعراقي، ولسان الميزان، ولحظ الألحاظ، وتاج التراجم. وفسره المستشرق بروكلمان ٣/ ١٣: بأنه حاشية جدلية على الروض الأنف بعنوان: الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم. وهو أصل كتاب الإشارة كما نص مغلطاي نفسه في المقدمة كما سيأتي. وقد اختصره أبو البركات محمد بن عبد الرحيم المتوفى سنة ٧٧٦ واقتصر فيه على اعتراضاته على السهيلي.
٢٥ - زوائد ابن حبان على الصحيحين. مجلد. (لحظ الألحاظ، وذيل العبر، والدرر الكامنة، والبدر الطالع).
٢٦ - شرح سنن أبي داود. لم يكمل. (لسان الميزان، والدرر الكامنة، ولحظ الألحاظ، والنجوم الزاهرة، والبدر الطالع).
-شرح سنن ابن ماجه. تقدم في (الإعلام بسنته ﵇.
-شرح صحيح البخاري. تقدم في (التلويح في شرح الجامع الصحيح).
٢٧ - (فيمن عرف بأمه). ذكره أبو زرعة ابن العراقي في ذيل العبر.
-معجزات الرسول ﷺ. تقدم في الخصائص النبوية.
٢٨ - منارة الإسلام. جمع فيه كتاب بيان الوهم لابن القطان وكتاب الأحكام. (الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٤).
٢٩ - من عرف بالله تعالى. (كشف الظنون ١٨٢٣).
٣٠ - من وافقت كنيته اسم أبيه للخطيب. انتخب منه. رسالة صغيرة منها ميكرو فيلم بالجامعة الإسلامية ١٣٤.
٣١ - الواضح المبين فيمن استشهد من المحبين. في العشق. قالوا: تعرض بسببه لمحنة، وذلك لتناوله السيدة عائشة ﵂ وذكره أبياتا
1 / 15
تدل على استهتار مما أدى إلى تعزيره واعتقاله، لكن انتصر له ابن البابا وخلصه. فالله أعلم إن كانت هذه القصة حقيقة أم بسبب تنافس العلماء والحسد. خاصة وقد قدمنا أنه تولى مشيخة الحديث ودرّس على المحدثين أنفسهم في الظاهرية وغيرها. (وانظر اللحظ والدرر والشذرات).
وأخيرا: قال في تاج التراجم: وله مجاميع حسنة، وغير ذلك.
و-وفاته:
لم يزل-﵀-يشتغل بالعلم ويكتب إلى أن لبّى نداء ربه يوم الثلاثاء في الرابع والعشرين (١) من شعبان سنة اثنتين وستين وسبعمائة (٢).
وكانت وفاته بالمهدية، خارج باب زويلة من القاهرة، بحارة حلب، ودفن من الغد بالريدانية، وتقدم في الصلاة عليه: القاضي عز الدين بن جماعة (٣).
_________
(١) في بعض المصادر: في (الرابع عشر). أظنه تصحيفا لاتفاق المصادر على الأول.
(٢) اتفقوا على ذلك. وأثبتت في لسان الميزان ٦/ ٧٤ هكذا: (إحدى) وستين وسبعمائة خلافا لما جاء في الدرر الكامنة ٤/ ٣٥٤ على قول الجمهور.
(٣) انظر خاصة لحظ الألحاظ/١٤١/، والبداية والنهاية ١٤/ ٢٩٦.
1 / 16
٣ - الكتاب: قيمته ومنهجه
أ-قيمته واهتمام العلماء به:
حضيت السيرة التي وضعها الحافظ مغلطاي باهتمام وعناية العلماء، فكانت مرجعا ومصدرا لمن جاء بعده، بل لمن عاصره وتتلمذ على يديه من كبار الحفاظ، خاصة إذا علمنا أنه كتبها في وقت مبكر على وفاته، نستدل على هذا بما صرح في مقدمة كتابه كما سيأتي أنه وضعها تلبية لرغبة قاضي القضاة جلال الدين القزويني المتوفى سنة ٧٣٩، أي قبل وفاة المؤلف بخمس وعشرين سنة على الأقل فتلقاها العلماء بالقبول، فإذا كانت السّير وضعت للعامة، فهذه ألّفت للعلماء: فمن ناظم لها، ومن كاتب عليها بعض الفوائد، ومن مختصر. .
فهذا تلميذه الحافظ العراقي يمشي في «ألفيته» على سيرة مغلطاي، وينظمها شعرا (١).
كما كتب عليها فوائد كلّ من الشمس البرماوي، والشرف أبي الفتح المراغي، وجرد ذلك في تصنيف مفرد: التقي بن فهد (٢).
كما نظمها على زيادة ألف بيت الشمس الباعوني الدمشقي المتوفى (٨٧١) هـ وسماها: «منحة اللبيب في سيرة الحبيب» (٣).
_________
(١) قاله السخاوي في الإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ/١٥٢/، وانظر فتح الباري عند شرح الحديث (١٠٦٣).
(٢) المصدر السابق (الإعلان).
(٣) المصدر السابق/١٥٣/. وقال السخاوي: وسمعت بعضه منه. وانظر معجم ما ألف عن رسول الله ﷺ للدكتور صلاح الدين المنجد.
1 / 17
ولخصها أيضا الشيخ الفاسي المكي صاحب شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام والعقد الثمين في تاريخ البلد الأمين. المتوفى (٨٣٢) هـ، وسماها «الجواهر السنية في السيرة النبوية». وقد أدرجها كاملة في مقدمة كتابه الكبير:
«العقد الثمين» (١). وقال أول هذا التلخيص وقبل أن يسوقه: وذلك فيما لخصته من السيرة الصغرى للحافظ علاء الدين مغلطاي المصري الحنفي ﵀ وأكده بلفظه. ثم ذكر إجازته للكتاب إلى مغلطاي وقال: وإنما عوّلت على كتابه دون غيره من الكتب المصنفة في هذا المعنى على كثرتها. لأن كتابه أكثرها فوائد، وفيه من الفوائد النفيسة ما لا يوجد في كثير من الكتب المبسوطة في هذا المعنى (٢).
كما نقل عنه الحافظ القسطلاني صاحب المواهب اللدنية مصرحا باسمه في كثير من المواضع، وما لم يصرح أكثر، بحيث إني لو قلت: إنه ضمنها كاملة كتابه، لما بالغت أو جانبت الصواب، والله أعلم.
أما الحافظ ابن حجر في الفتح-وله سيرة لم أطلع عليها-، والنجم عمر بن فهد في إتحاف الورى، والإمام الصالحي في سبل الهدى والرشاد، والشيخ الديار بكري في تاريخ الخميس: فقد نقلوا عن الحافظ مغلطاي في كتبهم في عدة أماكن، والأخيران بالأخص صرحا في مقدمة كتابيهما أن مغلطاي مرجع رئيسي من مراجعهما. وقد بلغ من كثرة نقلهما أني كنت أصحح نص الكتاب على ما نقلاه من مغلطاي (٣).
ولسبب أو آخر قرن طاش كبرى زاده سيرة مغلطاي إلى سيرة ابن إسحاق وابن هشام فقط عندما تحدث عن علم المغازي والسير (٤).
_________
(١) الجزء الأول من ٢١٧ - ٢٧٩.
(٢) العقد الثمين ١/ ٢١٧ - ٢١٨.
(٣) سوف أذكر مواضع النقل هذه في أماكنها من هذا الكتاب إن شاء الله.
(٤) مفتاح السعادة ومصباح السيادة ١/ ٢٦٠.
1 / 18
وبعد؛ هذه عجالة سريعة عن قيمة ومكانة هذا الكتاب موضوع هذه الدراسة، سجلتها من خلال ما اطلعت عليه، وما لم أطلع عليه أكثر.
ب-منهجه وطريقته:
ذكر الحافظ مغلطاي في مقدمته لهذا الكتاب بأنه أراد تلخيص سيرة المصطفى ﷺ كثيرة الفوائد، عارية من الشواهد، منتخبة بغير إكثار، حاوية لمقاصد الكتب الكبار.
ومن هذا المنطلق جاءت سيرته مستوعبة لحوادث السيرة أو أكثرها، ولكن عن طريق الإشارة والعبارة القصيرة بغير تفصيل، ولا ذكر دليل.
وعلى الرغم من صغر حجم الكتاب الأصل، فقد جاء بعد التحقيق كما ترى، علما بأني قد حذفت كثيرا من تعليقاتي، واختصرت بعضها خشية الإطالة وإخراج الكتاب عن مقاصده.
هذا وقد اشتمل الكتاب بالإضافة إلى حوادث السيرة والمغازي على ذكر خصائصه ﷺ، ودلائل نبوته ومعجزاته، وعلى شمائله وفضائله، وأخلاقه وصفاته. كما ضم المؤلف إليه فصولا قصرها على زوجاته وكتّابه، ومواليه وخدامه، ودوابه وآلاته ﷺ. كما ختمه بذكر شيء عن تواريخ الخلفاء إلى عصره.
إذن فهي ليست سيرة مختصرة كما فعل ابن كثير مثلا في الفصول، وإنما هي إشارات إلى ما جاء في سيرة المصطفى ﷺ حاوية لمقاصد الكتب الكبار كما نصّ المؤلف ﵀. بل أجزم أنه قد زاد على كثير من تلك الكتب الكبار بما التقطه من هنا وهناك، أعني كتب الحديث والتفسير والتاريخ والأدب والنسب بالإضافة إلى كتب السيرة نفسها.
وأخيرا: فإني لا أريد أن أتحدث عن منهج الكتاب بأكثر مما قلت، وأترك للقارىء أن يرى ذلك بنفسه عند مطالعته لهذه السيرة الكريمة، وأن يتعرف على معلومات جديدة لا توجد في كتب السيرة المتداولة، وليس معنى هذا أن
1 / 19
المؤلف قد جاء بها من بنات أفكاره، بل غاص عليها واستخرجها بما أوتي من طول قراءة، وسعة اطلاع، ولقد شهد له الحافظ ابن حجر-﵀-في فتح الباري في عدة موضوعات أنه قد استوعب ما ورد فيها، بل كان في بعض الأحيان ينسب إليه عندما لا يجد المعلومة إلا عنده، وسوف ترى كل ذلك في تعليقاتي وتخريجاتي بإذن الله.
ج-عنوانه ونسبته إلى المؤلف:
لم يختلف اثنان-بعد كل هذه النقول-في عنوان الكتاب ونسبته إلى المؤلف (١)، ويكفي أن المؤلف نفسه قد نص على ذلك في المقدمة كما سوف ترى، وأما الذين ترجموا للحافظ مغلطاي فقد ذكروا اسمه صريحا مرة (٢)، وأشار بعضهم إليه باسم: السيرة المختصرة أو الصغرى مرة ثانية (٣).
_________
(١) وقع في تاريخ المستشرق بروكلمان ٣/ ١٣ أن السهيلي قد اختصر كتاب الروض الأنف بعنوان «الإشارة إلى سيرة المصطفى وآثار من بعده من الخلفا». قلت: أظنه-والله أعلم-سبق قلم.
(٢) انظر: الأعلام-معجم المؤلفين-الرسالة المستطرفة-كشف الظنون. بالإضافة إلى النسخ المخطوطة.
(٣) انظر: العقد الثمين، والإعلان بالتوبيخ لمن ذم أهل التاريخ.
1 / 20
٤ - النسخ المعتمدة
يظهر أن شهرة الكتاب ومكانته بين السير، ساعد على كثرة نسخه وانتشاره، ومن هنا فإنه لا تخلو مكتبة تقريبا عنه. ولولا خشيتي من تأخر ظهور الكتاب، لجمعت من نسخه الشيء الكثير، ولكني اقتصرت على عدة نسخ أذكرها كما يلي:
١ - نسخة مكتبة عارف حكمت. بالمدينة المنورة ذات الرقم ١٢٠/ ٢٤٢، ورمزت لها بالعدد (١)، وهي نسخة كاملة قديمة، تاريخ نسخها سنة (٧٧٣) هـ، كتبها عبد الله بن عمر العثماني، وهي تحت عنوان: مختصر الزهر الباسم في سيرة أبي القاسم ﷺ. وعدد أوراقها (٦١) ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة من ١٦ - ٢٠ سطرا، وفي كل سطر من ٨ - ١٠ كلمات، وخطها نسخ عادي، لكنه رديء فيه أخطاء كثيرة.
٢ - نسخة دار الكتب المصرية. رقم/٤٦٠/. وحصلت عليها من جامعة أم القرى بمكة المكرمة برقم/١٦٣/سيرة. ورمزت لها بالعدد (٢)، وهي قديمة أيضا، تاريخ نسخها (٨٨١) هـ، كتبها محمد بن محمد منصور الحسيني الحلبي، وعنوانها كما أثبته على غلاف الكتاب، وعدد أوراقها (٥٧) ورقة، في كل ورقة صفحتان، وفي كل صفحة (١٩) سطرا، في كل سطر من ٩ - ١١ كلمة، وخطها نسخ أندلسي، متوسطة الوضوح، ومع ذلك فهي أفضل من التي قبلها، وليس فيها أخطاء تقريبا.
٣ - نسخة مكتبة عارف حكمت ذات الرقم ٧/ ٢٤٢، ورمزت لها بالعدد (٣)، وهي نسخة كاملة أيضا وفيها زيادة من آخرها في تاريخ الخلفاء عن اللتين قبلها. ولدخول هذه الزيادة في عهد ما بعد المؤلف أهملتها. وقد يكون
1 / 21
المؤلف-﵀-زادها إلى عهده ثم أكملها أحدهم بعده، وقد قدمت أن المؤلف وضع كتابه هذا قبل وفاته بزمن ليس بالقصير. وهذه النسخة حديثة، تاريخها (١٢٦٧) هـ كتبها عبد الله بن عمر بن مصطفى بن إسماعيل بن الشيخ عبد الغني النابلسي ﵀، وهي تحمل اسم الكتاب كما أثبته، وعدد أوراقها (٥٧) ورقة، في كل ورقة صفحتان، في كل صفحة (١٩) سطرا وفي كل سطر من ١٠ - ١٢ كلمة، وخطها نسخ جيد الوضوح، ومشكول في أماكن منه.
ملاحظة: بدا لي أن أثبت هذه الزيادة التي في هذه النسخة، عسى أن يكون فيها فائدة. .
٤ - نسخة برلين، ومنها (ميكرو فيلم) في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، تحت رقم (١٢١٤) ف ١، ورمزت لها بالعدد (٤) وهي من أفضل النسخ ضبطا، وعليها تعليقات وشروح، وكتب على إحدى صفحاتها أنها قوبلت على أصل نقل من أصل عليه إجازة المؤلف، لكن-ومع الأسف-فإن هذه النسخة ناقصة، لا يوجد منها إلا ثماني عشرة ورقة، من أول الكتاب، ولولا هذا لقدمتها على سائر النسخ.
٥ - النسخة المطبوعة، وهي حجرية الخط، طبعت سنة ١٣٠٠ هـ كما هو مدون آخرها، وتحمل اسم (سيرة مغلطاي)، فهي وقد مضى عليها أكثر من قرن من الزمان تكاد تكون نسخة مخطوطة، وهي مكونة من (١١٩) صفحة فقط، يعني بما يعادل النسخ المخطوطة تماما. وهي طبعا بدون تحقيق أو تعليق، ولا شرح أو تخريج، ولكني استفدت منها كنص خامس للكتاب.
٦ - مختصر الإمام الفاسي المكي صاحب العقد، والذي أشرت إليه سابقا، فقد رجعت إليه عند اختلاف النسخ لتأييد ما أعتمده، على الرغم من التصحيفات الكثيرة فيه.
٧ - الكتب التي نقلت عن الحافظ مغلطاي، وقد تحدثت عنها بما فيه الكفاية.
1 / 22
٥ - عملي في الكتاب
لم أجد-والحمد لله-صعوبة في تحقيق نص الكتاب وضبطه، وذلك بسبب كثرة نسخة بالإضافة للمطبوع وغيره. ولكني تعبت جدا وبذلت جهدا كبيرا في تخريج هذه النصوص التي أربت على المئات، وإذا قلت: إن كل كلمة سجلها المؤلف تعتبر نصا لا أكاد أكون مبالغا، وذلك لأنه إشارة، والإشارة تقتضي إجمال العبارة، وهذا هو السبب في مضاعفة حجم الكتاب، وكثرة حواشيه.
وأجمل ما قمت به لتحقيق هذا الكتاب بما يلي:
١ - أثبتّ نص الكتاب بعد أن قارنت مختلف نسخه ببعضها البعض، وأهملت ذكر الأخطاء الإملائية أو النحوية، وحتى الاختلاف البسيط بينها وبين المطبوع، اللهم إلا إذا كان ذا بال.
٢ - ضبطت النص على قواعد العربية: إملاء، وشكلا، وترقيما.
٣ - خرّجت نصوص الكتاب على اختلاف أنواعها: قرآنا، وحديثا، وتاريخا، وأدبا وغير ذلك.
٤ - شرحت غريبه، وأوضحت مبهمه، وترجمت لما فيه من أسماء ما خلا أعلام الناس إلا في النادر، وذلك لأن لهم كتبا متوفرة وموثقة، وحتى لا يطول الكتاب فيخرج عن مقاصده.
٥ - وضعت له عناوين رئيسة، وأخرى جانبية وكان خلوا منها، كما رتبت نصوصه بحيث تكون بارزة واضحة، ملفتة للنظر.
1 / 23
٦ - صنعت له فهارس عامة فنية لتسهّل الرجوع إلى مضامينه ومحتوياته، ولتيسر لطلاب العلم دراسته والاستفادة منه.
وختاما: أسأل الله تعالى أن ينفع بهذا الكتاب، وأن يكون هذا العمل خالصا لوجه ﷾، وأن يثيبني ووالديّ ومشايخي، وأن يجعله حجة لي في اتباع سيرة هذا النبي الكريم صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
وكتب أبو عبد الله
1 / 24