Isbah Pada Misbah
الإصباح على المصباح
Genre-genre
واختلفوا في الحسن إذا زال الوجوب فقيل: لا يحسن، وقيل: يحسن مطلقا؛ لأن فيه إعزازا للدين، وقيل: يحسن إن صدر ممن يقتدى به وله رتبة عالية، وإن أدى إلى هلاكه وعلى ذلك جرت أحوال كثير من أئمتنا عليهم السلام نحو الحسين وزيد ومن حذا حذوهم، فإنهم قاتلوا في قلة من الأنصار حتى أدى إلى الاستئصال، فصاروا قدوة للآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر بعدهم، وليس صدوره ممن هو كذلك كصدوره ممن لا ينظر إليه ولا يلتفت عليه.
الخامس: ألا يعلم أو يغلب في ظنه أن أمره ونهيه يؤدي إلى تضييع واجب آخر أو فعل منكر آخر، فإن علم أو غلب في ظنه ذلك فقيل: لا يجب ولا يحسن؛ لأن في ذلك مفسدة، ولأنه يكون في حكم المعين على المنكر الآخر، وقيل: لا يسقط بل يحسن؛ لأنه يكون بذلك مقيما للحجة معزا للدين، ومتى فعل المأمور أو المنهي منكرا آخر أو ضيع معروفا فإنما أتي من قبل نفسه، ولا يوصف الآمر الناهي بأنه معين له؛ لأن الإعانة تحتاج إلى الإرادة.
وفي الأساس: أنها إذا حصلت القدرة والتأثير للآمر الناهي، وظن الانتقال إلى منكر غيره لا يرخص في الترك؛ لأن هذا منكر معلوم، وذلك مجوز مظنون ، وهو كلام جيد.
وقيل: إن كان ما يقع من المنكر أو يضيع من الواجب أعظم مما نهى عنه أو أمر به لم يحسن؛ لأن الغرض بالأمر والنهي تقليل المنكر وتكثير المعروف وإلا حسن ووجب.
وقيل: إن كان المنكر الذي يحصل عند الأمر والنهي ضررا يرجع إلى الآمر الناهي لم يزل الحسن، وإن زال الوجوب، لقوله تعالى: {يابني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك}[لقمان:17] ومعلوم أن الذي يصيبه منكر آخر، وأيضا فمعلوم من حال الأنبياء أنهم كانوا يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، مع علمهم بأنه يلحقهم من المضار في ذلك ما يقضي بكفر فاعله أو فسقه.
Halaman 116