Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haqq min 'Ilm al-Usul

Al-Shawkani d. 1250 AH
90

Irshad al-Fuhul ila Tahqiq al-Haqq min 'Ilm al-Usul

إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول

Penyiasat

الشيخ أحمد عزو عناية، دمشق - كفر بطنا

Penerbit

دار الكتاب العربي

Nombor Edisi

الطبعة الأولى ١٤١٩هـ

Tahun Penerbitan

١٩٩٩م

الفصل الثالث: في عِصْمَةُ الْأَنْبِيَاءِ ... الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ ذَهَبَ الْأَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى عِصْمَةِ الْأَنْبِيَاءِ بَعْدَ النُّبُوَّةِ مِنَ الْكَبَائِرِ، وَقَدْ حَكَى الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ إِجْمَاعَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى ذَلِكَ. وَكَذَا حَكَاهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ مِنْ مُتَأَخِّرِي الْأُصُولِيِّينَ، وَكَذَا حَكَوُا الْإِجْمَاعَ عَلَى عِصْمَتِهِمْ بَعْدَ النُّبُوَّةِ مِمَّا يُزْرِي بِمَنَاصِبِهِمْ، كَرَذَائِلِ الْأَخْلَاقِ وَالدَّنَاءَاتِ وَسَائِرِ مَا يُنَفِّرُ عَنْهُمْ، وَهِيَ الَّتِي يُقَالُ لَهَا صَغَائِرُ الْخِسَّةِ، كَسَرِقَةِ لُقْمَةٍ، وَالتَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ، وإنما اختلفوا في الدليل عَلَى عِصْمَتِهِمْ مِمَّا ذُكِرَ، هَلْ هُوَ الشَّرْعُ أَوِ الْعَقْلُ؟ فَقَالَتِ الْمُعْتَزِلَةُ وَبَعْضُ الْأَشْعَرِيَّةِ: إِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى ذَلِكَ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ؛ لِأَنَّهَا مُنَفِّرَةٌ عَنِ الِاتِّبَاعِ، فَيَسْتَحِيلُ وُقُوعُهَا مِنْهُمْ عَقْلًا وَشَرْعًا، وَنَقَلَهُ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي "الْبُرْهَانِ"١ عَنْ طَبَقَاتِ الْخَلْقِ، قَالَ: وَإِلَيْهِ مَصِيرُ جَمَاهِيرِ أَئِمَّتِنَا. وَقَالَ ابْنُ فُورَكَ: إِنَّ ذَلِكَ مُمْتَنِعٌ مِنْ مُقْتَضَى الْمُعْجِزَةِ. قَالَ الْقَاضِي عِيَاضُ٢: وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَمَنْ تَبِعَهُ. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ وَجَمَاعَةٌ مِنْ مُحَقِّقِي الشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ: إِنَّ الدَّلِيلَ عَلَى امْتِنَاعِهَا السَّمْعُ فَقَطْ، وَرُوِيَ عَنِ القاضي أَبِي بَكْرٍ ﵁ أَنَّهُ قَالَ: الدَّلِيلُ عَلَى امْتِنَاعِهَا الْإِجْمَاعُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّهَا مُمْتَنِعَةٌ سَمْعًا وَالْإِجْمَاعُ دَلَّ عَلَيْهِ، قَالَ: وَلَوْ رَدَدْنَا ذَلِكَ إِلَى الْعَقْلِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا يُحِيلُهَا، وَاخْتَارَ هَذَا إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ، والغزالي، وإلكيا٣ وابن برهان٤.

١ هو لأبي المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني النيسابوري، الشافعي، المعروف بإمام الحرمين، المتوفى سنة ثمان وسبعين وأربعمائة هـ، يسمى "البرهان في أصول الفقه" ا. هـ. كشف الظنون "١/ ٢٤٢". ٢ هو عياض بن موسى، الإمام العلامة، الحافظ الأوحد، شيخ الإسلام، القاضي أبو الفضل، ولد سنة ست وسبعين وأربعمائة هجرية، وتوفي بمراكش سنة أربع وأربعين وأربعمائة هـ، من آثاره: "الشفاء" "شرح صحيح مسلم" وغيرهما. ا. هـ. سير أعلام النبلاء "٢٠/ ٢١٢" شذرات الذهب "٤/ ١٣٨"، هدية العارفين "١/ ٨٠٥". ٣ هو علي بن محمد بن علي الطبرستاني، الشافعي، عماد الدين، شيخ الشافعية ببغداد المعروف بإلكيا الهراسي -وهي كلمة فارسية معناها: الكبير- توفي سنة أربع وخمسائة هجرية، من مؤلفاته كتاب "شفاء المسترشدين في مباحث المجتهدين". ا. هـ. شذرات الذهب "٤/ ٨" كشف الظنون "٢/ ١٠٥٦"، هدية العارفين "١/ ٦٩٤". ٤ هو أحمد بن علي بن برهان، أبو الفتح، فقيه بغدادي، ولد سنة تسع وسبعين وأربعمائة هجرية، وتوفي سنة ثماني عشرة وخمسمائة هجرية، من آثاره: "الوجيز" "البسيط" "والوسيط". ا. هـ. الأعلام "١/ ١٧٣".

1 / 98